يوم توقف الهواء في صبرا و شاتيلا 


محمد رشيد

ليرحمهم الله جميعا


كان مشهدا مفزعا ، لا شيئ يتحرك ، فالحياة غادرت لتوها كل شيئ ، بالرصاص الذي شق البطون و فجر الرؤوس ، او بالحراب التي ذبحت الطفل و الشيخ من الوريد الى الوريد ، حتى الهواء كان قد توقف ، او هكذا بدى لي ، طيور مقتولة ، بهائم تخلت عن أحشائها ، كل شيئ منثور على مسافات متباعدة ، و عباد الله قتلوا حيثما اوصلهم هروبهم الفوضوي من وجه الموت . 


كنت هناك ، كنت في صبرا و شاتيلا ، برفقة اصدقاء لم تنقطع الصلات بيننا بعدها ، فلقد جمعتنا تلك اللحظات المتجمدة خارج ساعة الزمن ، الكاتب الكبير توماس فريدمان ، و الصديق العزيز لورانس جينكنز ، و طاقم محطة ال NBC الامريكية ، و مولدها الباكستاني المسلم عبد القيوم ، و الذي عجز عن الكلام لساعات طويلة ، الموت كان في كل مكان ، فثلاثة الاف او يزيد ، من بينهم مئات اللبنانيين الفقراء ، قتلوا لفقرهم الذي حملهم الى صبرا و شاتيلا . 

لم نستطع ان نفعل شيئا ، فقد جئنا بعد انتهاء حفلة القتل ، عيون بعضهم كانت تنظر إلينا ، و تسال ، بل تصرخ ، اين كنتم ؟ ، هل ترون ما يحصل لنا حين يتركنا الفدائي ؟ ، ذبحنا بعيدا عن بندقيته ، ذبحنا انتقاما من بندقيته .


توسلت الى عبد القيوم ان يحمل الشريط الى دمشق ، الى الشهيد الخالد ابو جهاد ، و فعلا وفى بوعده ، و كانت صدمة دموية في قلب القيادة ، جرح فؤاد الزعيم الراحل ياسر عرفات الى الأبد ، و من هناك بدات رحلة ضعفه التاريخي امام كل ماهو فلسطيني في لبنان . 


طوبى لهم جميعا ، و فيغفر لنا الله ضعفنا و عجزنا