لماذا ترتفع البطالة في الأردن
في كتب الاقتصاد أن التضخم لا يحدث ولا حاجة للتحوط ضده إذا كانت هناك بطالة عمالية ، وكان في المصانع طاقة غير مستغلة.
المنطق في هذه القاعدة أن البطالة تحول دون ارتفاع الأجور لأن توظيف العاطلين عن العمل له أولوية على زيادة رواتب العاملين ، ولأن زيادة الطلب على السلع يمكن مواجهتها بزيادة العرض عن طريق تشغيل الطاقة غير المستغلة للصناعة.
في الأردن بطالة لا تحول دون ارتفاع مستوى الأجور بشكل متسارع أخذ يؤثر على تنافسية الأردن وجاذبيته للاستثمارات المحلية والخارجية.
وفي الأردن طاقة غير مستغلة في معظم المصانع التي تعمل بوردية واحدة يمكن مضاعفتها إلى ورديتين لزيادة الإنتاج ومواجهة الطلب. ولكن ذلك لم يمنع ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية بأسرع من التضخم.
لماذا يشذ الأردن عن القاعدة؟ هل الخطأ في القاعدة أم في الظروف الموضوعية الخاصة بنا والتي تحول دون انطباق القاعدة الاقتصادية علينا.
التفسير الوحيد لهذه الظاهرة هو أن قوانين السوق الحرة لا تعمل في الأردن ، فزيادة الأجور تتحقق ليس لزيادة الطلب على الأيدي العاملة ، بل عن طريق الابتزاز ووسائله المعروفة من اضرابات واعتصامات ، تقوم بها الفئات الأعلى أجرأً في البلد ، انتهازأً للظروف.
ارتفاع الأجور والرواتب لم يؤد ِ إلى قدر من التضخم ، ليس لأن المصانع الأردنية غمرت السوق بإنتاجها الفائض ، بل لأن باب الاستيراد مفتوح على مصراعيه ، فلا تتاثر أسعار المنتجات المستوردة بسبب زيادة الطلب عليها نظراً لمرونة العرض غير المحدودة.
غياب المرونة في سوق العمل لا يخدم الطبقة العاملة بل يلحق بها الضرر ، والسماح للعرض والطلب للتفاعل الحر في السوق بتحقيق التوازن يخدم المصلحة العامة ، فرفع الأجور يزيد البطالة. والأمن الوظيفي وعقوبات الفصل التعسفي تحول دون تخفيض البطالة ، لأن مدراء الأعمال لن يقدموا على توظيف عامل جديد إلا للضرورة القصوى طالما أنهم لا يستطيعون الاستغناء عنه إذا انتفت الحاجة إليه.
في اليونان أمن وظيفي مطلق فلا يجوز فصل العامل إلا بعد إفلاس وإقفال الشركة ، فارتفعت نسبة البطالة إلى 25%. وفي أميركا مرونة كاملة للتعيين والفصل ، ومعدل البطالة 8% بالرغم من الأزمة ، لأن أرباب الأعمال باشروا بالتوظيف بمجرد ظهور بوادر الانتعاش.