عندما تتكرر الإساءة


في زمن الثّورات العارمة في أرجاء البلاد العربية ، ومع مشاهدتنا للعديد من الإعتصامات والمقاطعات المتكررة ، ومع رغبتنا بأن نرى أمّة متماسكة قوية ، همّها واحد هو الترابط والتماسك ، بعيدا عن المصالح الضيّقة وعن الحدود التي ارتسمت في لحظة سهوٍ و غفلة ، فأصلنا واحد لن يتبدّد وهو بلاد العالم دون أن تتجدّد ، تجمعنا الرّسالة وإن باعدت بيننا الحدود .

إساءاتٌ عديدة لخير من وجد في البشرية ؛ رسولنا الكريم محمد – صلى الله عليه وسلّم – ابتدأت في رسومات " كاريكاتيرية " وهي الآن تصل إلى " فيديو " مصوّر ، ليحاكي ما ليس بالواقع ، ولعلّ في ذلك العديد من الدوافع المسببات .


إنّ إقبال مثل هؤلاء على هذه الأمور والمتعلّقة بالإساءة مابين الحين والآخر لا يفسّر إلّا بعدة تحليلات وقد يزيد أحدكم عليها .

فإمّا الإستهزاء من أجل السّخرية والتهكّم ، وهذا باعتقادي احتمال ضئيل ، فلا بدّ من فائدة مجزية تكون لهم مرضية جرّاء فعل كذلك .

أو قد يكون ذلك مسهما في الترويج لإنتاجهم الفني بطريقة جديدة ، يكون جهدهم فيها يسير ، من خلال اتجاه الأنظار إلى هذا المنتج ، ليحققوا من الأرباح الشيء الوفير .

أو أن يكون الهدف أبعد من ذلك بكثير ، بحيث يتعدّى حدود السخرية ، ويتجاوز أبعاد الأرباح والأموال ، ليقترب من خلق الفتن بين المسلمين بطريقة وأخرى ، أو ليتمّ تقييم مدى تماسك المسلمين وترابطهم في الأمر الذي يجمعهم وهو الدين ممثلا بشخص الرّسول الكريم محمد – صلّى الله عليه وسلّم - .

وكذلك فإنّنا أيضا نشهد تعايشا ما بين الأديان السماوية ، وخاصّةً ما بين الدين الإسلامي والمسيحي ، وهذا قد يكون هدفاً مهماً وعنصراً جليلاً لدى البعض من أصحاب الأهداف والمصالح ، بحيث يتمّ السّعي إلى نشر الفتن ما بين الأديان ، محققين بذلك حالة من زعزعة في الأمن والاستقرار ، لإنجاز المساعي والأهداف التي تخدم مبتغاهم ومقصدهم .

ومن الجدير بالذكر تصريحات بعض القائمين على هذا العمل بأنّه لا يقصد به الإساءة أو الإستهزاء ، ليبرّر موقفا بات مكشوفا للجميع ، خالقا فتنا بين المسلمين وأنفسهم ، فبعضهم يقتنع بالقول الأول ، وآخر منهم يقتنع بما قال الثاني ، وأحدهم لا يهتم بهكذا أمور !


فلنحذر من فتن تخلق بين الشعوب والأمم ، لنكون السّد الحصين في وجه المخططات التي تهدف إلى تفكيك وترهّل ، ولنحرص على تحقيق ترابط وتماسك متضمّنا إتمام التعايش والحصول على الأمان ممّا يبعث الراحة ويجلب الإطمئنان ، فالتخريب في البلاد ليس الرّد على هؤلاء ، فلنكن على قدر مسؤولية عظيمة في الدفاع عن خير البشرية وأطهرها بالطريقة التي ترضي شرعنا وتعاليم ديننا ، وبما ينسجم وأخلاقنا ، مظهرين بذلك الدّين الإسلامي وما يحويه من قيم نبيلة وأخلاق حميدة ، وخصال قويمة ، لتمثل لمن يسيؤون للرسول العظيم بادعاءاتهم الكاذبة وأفكارهم الواهنة ، لنظهر بذلك من هو سيّد الخلق والمرسلين . فمهما وصفنا وتحدّثنا يبقى أرقى ممّا نقول ، وأعظم ممّا نتحدّث ، وأرفع ممّا نتلفظ .

فلن نستجيب لهكذا عقول ، إلّا بما يرفع الإهانة عن رسولنا ، و يحقق إعلاء لشأن أمتنا وديننا.