عجز


بدا غريبا ، ولونه مخطوف ، ثمة توتر في حركاته وتقطيع في عباراته ، ورجفة في شفتيه أثناء الحديث ، أصابعه لم تقوى على حمل السيجارة المهتزة كحاله . وهناك انكسار في عينيه دفعني للشفقة عليه والاقتراب منه للسؤال عن أمره .

أنا : خير يا أبو صابر شو مالك بتحاكي حالك ؟
أبو صابر بعد تنهيدة طويلة : مصيبتي مصيبة .
أنا : عسى ما شر ، خير فضفضلي .
أبو صابر : ( شو بدي أقلك ، يا زلمة ما خليت عطار متمرس وإلا متدرب وإلا هاوي إلا ورحتله ، لفيت الحارات حارة حارة وما في فايدة ، بعت الحاكورة وذهبات المرأة والسيارة وأخذت قرض على راتب الضمان واداينت وكله بدون فايدة ، ما خليت عشبة إلا شربتها – جرينة الحمام ، الخاشكير ، بذرة القطنة ، لسان الثور ، عين الديك ، ابرة الراعي ، فقوس الحمار ، بردقوش ، عرق الذهب ، ورق جوافة ، سعد الأرض ، حب الزلم ، آخ شو بدي أعدلك لأعدلك) .
أنا : اسم الله عليك خير شو عندك ؟
أبو صابر بهمس بعد أن تلفت يمنة ويسرى : عندي عجز .
أنا : بس هيك هاي سهلة ، دواك عندي .
أبو صابر مستغربا : هو انت تركت المحاماة وصرت عطار ؟
أنا : تقريبا فهذا زمن العطارين ، على كلا دواك موجود عندي ، مش عندي بالزبط بس أنا بدلك عليه .
أبو صابر متلهفا : دخيلك ساعدني .
أنا : أسأل حكومتنا .
أبو صابر : بتتخوث ؟! صحيح انك فايق ورايق .
أنا : يا عمي إذا من يوم يومنا واحنا بنسمع بعجز في الموازنة ومع هيك الحكومات ما شاء الله نازلة رشق صرف وتعينات ورواتب خيالية ومش متأثرة بالعجز .
يعني عجزك بده يكون أصعب من عجز الموازنة .



المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com