مقال مهم جداً
ترجمة فريق عمل الحقيقة السورية | Syrian Truth
في نهايات شهر آب الماضي، انعقد مؤتمر دولي في برلين، كان الهدف منه إطلاق مشروع أمريكي مدروس في سوريا. أطلق على هذا المشروع اسم "اليوم التالي" وهو يعتمد في أساسه على وثيقة من إعداد المعهد الأمريكي للسلام، بمشاركة عدد من شخصيات المعارضة السورية وعدد من الأوروبيين.
وفيما يلي مقتطفات من موقعهم الإلكتروني:
من يمول؟
"يتم تمويل نشاطات المشروع من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة الخارجية السويسرية، و"هيفوس" وهي منظمة هولندية غير ربحية، إلى جانب "نوريف" وهي أيضاً منظمة غير ربحية نرويجية الجنسية. تم الاتفاق على شكل المشروع وتنوع جهات تمويله من أجل ضمان ملكية السوريين للمشروع وقيادتهم لها، ومن أجل تعزيز دور المعهد الأمريكي للسلام كمسهل للعملية."
وعلى الرغم من عدم التدخل الظاهري والحيادية التي يدركها المرء عند قراءته لعبارات "المعهد الأمريكي للسلام" و"سويسرا" و"النرويج" و"مسهل"، إلا أن ذلك كله لا يعدو أن يكون مجرد غطاء آخر لمشروع آخر من مشاريع وزارة الخارجية الأمريكية الهادفة إلى تعزيز مصالح أمريكا بغض النظر عن التكاليف العالية المتوقعة والتي لا يريد أحد الحديث عنها.
لطالما كان ستيفن هيديمان، من المعهد الأمريكي للسلام ورئيس عمليات تسهيل هذه الجهود، من أكبر المروجين لفكرة أن النظام ساقط لا محالة، كما كان ناقداً لاذعاً لأية جهود مبذولة في سبيل حل الأزمة السورية بوسائل سلمية. سخر هيديمان من الجميع، من ديفيد إغناتيوس وحتى كوفي أنان، لتجرئهم على الابتعاد عن خطته ومعادلتة التي تقول أن الإطاحة بالنظام هي الخيار الوحيد.
كان علي أن أختبر شخصياً حماس هذا الرجل عندما سألته عبر موقع فيسبوك عن آرائه المتزمتة حول سوريا وثقته الكاملة بأن النظام على وشك السقوط. رد علي ستيفن بغضب واتهمني بأنني من "أتباع انظام". لم يكن أسلوبه فعلياً يليق بشخص يقود عمليات التسهيل والتيسير.
فيما يلي اقتباس آخر من موقع "اليوم التالي": "لضمان عملية ناجحة ومنظمة، جمع مشروع "اليوم التالي" حوالي 45 سورياً يمثلون كامل أطياف المعارضة، حيث شاركوا جميعاً في تطوير المخططات المصممة لتسهيل انتقال سوريا الديمقراطي، في حال نجحت المعارضة في إسقاط النظام الحالي. تضمنت المجموعة ممثلين عن المجلس الوطني السوري ولجان التنسيق المحلية في سوريا، إلى جانب جنبرالات سابقين واقتصاديين ومحاميين وغيرهم، من داخل سوريا ومن الشتات السوري، بشكل يعكس كافة الأنماط السياسية الرئيسية والمقومات الأساسية في المجتمع السوري."
إذن، من أجل ضمان عملية ناجحة، كان من الكافي العمل مع 45 سورياً يريدون إسقاط النظام؟
يبدو أنه، وبعد 18 شهراً من النزاع وسفك الدماء الذي قاد إلى أكثر من 20 ألف إصابة، نكتشف أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المجتمع الدولي لم يتمكنوا سوى من تعلم كيفية تحسين مهاراتهم التمثيلية كقوى بناءة. أما في الحقيقة، فهم ما يزالون يعملون حصرياً على مخططات مختلفة تسمح لهم بالانتصار على عدد من الشرائح الأساسية في مجتمع سوريا لصالح أي شخص يساعد الولايات المتحدة وحلفاءها من وضع نظام أكثر تماشياً معها في دمشق.
يموت الناس في سوريا لأن عملية التعليم التي تجري هناك شبه معدومة. على سبيل المثال، وبالنسبة لوزارة الخارجية الأمريكية، ما تزال المعارضة، والمعارضة الصديقة للولايات المتحدة على وجه التحديد، ولا يشمل ذلك هيثم مناع وهيئته التنسيقية، تستحق تمثيل "كافة الأنماط السياسية الرئيسية في المجتمع السوري". قد تتضمن هذه الأنماط الأقليات الدينية والنساء أو حتى السوريين العلمانيين والليبراليين، ولكن عليهم قبل كل شيء أن ينضموا إلى الطرف المنادي بإسقاط النظام، هذا هو الشرط المسبق لكي تصغي إليهم وزارة الخارجية الأمريكية. أما ملايين السوريين الذين يرفضون خلق فراغ في سلطة بلادهم فهم مجرد "أقليات خائفة" أو "نخب أعمال سنية". وهذا يعني، أن مناصري النظام هم أولئك السوريين الأنانيين الذين تتعارض احتياجاتهم مع طموحات "الشعب السوري" بشكل عام، والذي تدعمه الولايات المتحدة كعادتها دوماً بكثير من الرعاية والحنان. قد يكون السبب الذي دعا الولايات المتحدة إلى نسج غطاء مشروع "اليوم التالي" الرقيق والجميل هو فشلها في