الطفيلة وأصل الحكاية
في خضم الجدل الدائر حول ارتفاع سقف الشعارات، جاءت صورة لافتة برأيي تعيدنا إلى البدايات؛ اللافتة ببساطة تبين أن أحد مطالب الطفيلة لسنوات طويلة هو بناء مستشفى، ومرت السنوات وتم تشييد كل شيء ما عدا حاجات المحافظة الرئيسية.
لا يعني ذلك أن أهل الطفيلة يستجدون بناء مستشفيات أو أي مرافق حيوية أخرى، بل أنهم يعون حقوقهم، و لا أن المشكلة تتلخص في قضايا مطلبية، على أهميتها، لكن أن أصل الحكاية هي في سياسات التهميش الاقتصادي التنموي والسياسي في آن واحد.
الوضع نفسه ينطبق، في درجات وأشكال مختلفة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك في جيوب الفقر داخل العاصمة عمان، لكن المحافظة الجنوبية، سئمت الفقر والتفقير، والذل والإذلال، فأخذت على عاتقها التذكير المدوي بالظلم ورفض الهوان.
تعبيرات الغضب المشروع قد تكون أخذت منحى لا نؤيده، بل نعتبرها تعبيرات تخرج عن الشعارات السياسية ، وتدخل الحراك في متاهة شخصنة الأمور، وتأخذه بعيداً عن مسار رؤية إصلاحية تقدمية تعبر عن الإرادة الشعبية.
نعم نرفض بعض هذه التعبيرات، ومن حقنا بل يجب أن ننقد الحراك، لأن الكثير منا، يرى فيه أمل الصحوة المنشودة تعيدنا إلى الوعي بالحقوق، انطلاقاً من أحد أهم شعاراته الأصلية "مواطنون لا رعايا"، الذي يلخص في بساطته وعمقه أسس دولة المشاركة، والحريات والعدالة الاجتماعية.
لكن في الوقت نفسه الاكتفاء برفض بعض الشعارات، لا يعالج الأزمة بل يتعامل مع الإفرازات والنتائج.
فبدءاً من اعتصام جامعة الطفيلة التقنية، وكيف نجح طلابها بحمل الحكومة على الاستجابة لمطالبهم المحقة من تأمين مقاعد ومرافق صحية وغرف سكن إلى ما ذلك من أساسيات كشفت أن الجامعة تفتقر إلى الحد الأدنى الضرورية لحرم أكاديمي.
انتصار الطلبة ساهم في إحساس الطلبة، وأهل الطفيلة، بقدرتهم على التغيير والحصول على حقوقهم، وكان أيضاً جرس إنذار للجهات الرسمية، ولكن ذلك لم يؤثر جذرياً بالتوجه الرسمي بالرغم من أزمة جامعة الطفيلة كانت نذيراً وانذراً بصرخة أوسع ضد التهميش والاستهتار بحقوق أساسية للمواطن وكرامته.
فكانت ردة الفعل، على إضراب العاطلين عن العمل ، بعد ذلك، على خلفية عدم إيفاء بوعود حكومية ، أمنية بامتياز، واعتقال عمال ، بعد أن دخلوا في اشتباك مع قوات الدرك التي حاولت فض الاعتصام، وتم زج عدد من نشطاء الحراك في الطفيلة، وفي عمان، و المعتقلات.
أحداث آذار كانت نقطة فاصلة كان يجب أخذها بجدية تامة، لكن تم التركيز على الحل الأمني ، لتحجيم حراك الطفيلة، وبالتالي الحراك الشعبي بشكل أوسع، أي أن الطفيلة أضحت نموذجاً لسياسيات تهدف إلى إنهاء الحراك، بدلاً من أن تكون فرصة للبدء بالتعامل مع جذور الأزمة، وبالتالي كانت النتيجة تصعيد الشعارات، بدلاً من خفوتها.
المسألة طبعاً أبعد من حدود الطفيلة ، لأن الاتجاه الرسمي العام الذي حكم التعامل مع الطفيلة هو نفسه الذي أدى إلى التمسك بالنهج السياسي نفسه ، واللجوء إلى تمرير قوانين وقرارات وإجراءات تتجاهل المطالب الشعبية والأهم أنها لا تأخذ بعين الاعتبار تدهور مستوى أغلب الفئات المعيشي وفقدان الأردني ثقته في أمنه وأمانه.
قرار رفع الأسعار، ومن ثم تجميده وعدم إلغائه، وفقاً لاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وفرض قانون انتخابات إقصائي، وقانون محاربة الفضاء الإلكتروني، كانت في تأثيرها وتأجيجها للغضب أكثر من أي شعار استفزازي أو تحريضي.
وبالتالي كان التصعيد والرد الجاهز بالاعتقالات، و تجاهل العودة إلى جذور المشكلة.
المسألة في غاية في التعقيد وغاية في البساطة، معقدة في تفاصيل رؤية إصلاحية حقيقية، وبسيطة الفهم عندما يعي كل واحد مناـ والأهم المسؤولون عن صنع القرار، أن طموح الشاب في الطفيلة لا يختلف عن أي من طموحاتنا وطموحات أبنائنا: شباب الطفيلة ، مهما علت أصواتهم يأملون ويطالبون في فرص متساوية بالتعليم، والعمل، والزواج وبناء عائلة، وينشدون الفرح والطمأنينة، فلنفتح أبواب الحلم والأمل أمامهم، قبل أن تغلق أبواب الاستقرار في وجهنا جميعاً.
لا يعني ذلك أن أهل الطفيلة يستجدون بناء مستشفيات أو أي مرافق حيوية أخرى، بل أنهم يعون حقوقهم، و لا أن المشكلة تتلخص في قضايا مطلبية، على أهميتها، لكن أن أصل الحكاية هي في سياسات التهميش الاقتصادي التنموي والسياسي في آن واحد.
الوضع نفسه ينطبق، في درجات وأشكال مختلفة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك في جيوب الفقر داخل العاصمة عمان، لكن المحافظة الجنوبية، سئمت الفقر والتفقير، والذل والإذلال، فأخذت على عاتقها التذكير المدوي بالظلم ورفض الهوان.
تعبيرات الغضب المشروع قد تكون أخذت منحى لا نؤيده، بل نعتبرها تعبيرات تخرج عن الشعارات السياسية ، وتدخل الحراك في متاهة شخصنة الأمور، وتأخذه بعيداً عن مسار رؤية إصلاحية تقدمية تعبر عن الإرادة الشعبية.
نعم نرفض بعض هذه التعبيرات، ومن حقنا بل يجب أن ننقد الحراك، لأن الكثير منا، يرى فيه أمل الصحوة المنشودة تعيدنا إلى الوعي بالحقوق، انطلاقاً من أحد أهم شعاراته الأصلية "مواطنون لا رعايا"، الذي يلخص في بساطته وعمقه أسس دولة المشاركة، والحريات والعدالة الاجتماعية.
لكن في الوقت نفسه الاكتفاء برفض بعض الشعارات، لا يعالج الأزمة بل يتعامل مع الإفرازات والنتائج.
فبدءاً من اعتصام جامعة الطفيلة التقنية، وكيف نجح طلابها بحمل الحكومة على الاستجابة لمطالبهم المحقة من تأمين مقاعد ومرافق صحية وغرف سكن إلى ما ذلك من أساسيات كشفت أن الجامعة تفتقر إلى الحد الأدنى الضرورية لحرم أكاديمي.
انتصار الطلبة ساهم في إحساس الطلبة، وأهل الطفيلة، بقدرتهم على التغيير والحصول على حقوقهم، وكان أيضاً جرس إنذار للجهات الرسمية، ولكن ذلك لم يؤثر جذرياً بالتوجه الرسمي بالرغم من أزمة جامعة الطفيلة كانت نذيراً وانذراً بصرخة أوسع ضد التهميش والاستهتار بحقوق أساسية للمواطن وكرامته.
فكانت ردة الفعل، على إضراب العاطلين عن العمل ، بعد ذلك، على خلفية عدم إيفاء بوعود حكومية ، أمنية بامتياز، واعتقال عمال ، بعد أن دخلوا في اشتباك مع قوات الدرك التي حاولت فض الاعتصام، وتم زج عدد من نشطاء الحراك في الطفيلة، وفي عمان، و المعتقلات.
أحداث آذار كانت نقطة فاصلة كان يجب أخذها بجدية تامة، لكن تم التركيز على الحل الأمني ، لتحجيم حراك الطفيلة، وبالتالي الحراك الشعبي بشكل أوسع، أي أن الطفيلة أضحت نموذجاً لسياسيات تهدف إلى إنهاء الحراك، بدلاً من أن تكون فرصة للبدء بالتعامل مع جذور الأزمة، وبالتالي كانت النتيجة تصعيد الشعارات، بدلاً من خفوتها.
المسألة طبعاً أبعد من حدود الطفيلة ، لأن الاتجاه الرسمي العام الذي حكم التعامل مع الطفيلة هو نفسه الذي أدى إلى التمسك بالنهج السياسي نفسه ، واللجوء إلى تمرير قوانين وقرارات وإجراءات تتجاهل المطالب الشعبية والأهم أنها لا تأخذ بعين الاعتبار تدهور مستوى أغلب الفئات المعيشي وفقدان الأردني ثقته في أمنه وأمانه.
قرار رفع الأسعار، ومن ثم تجميده وعدم إلغائه، وفقاً لاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وفرض قانون انتخابات إقصائي، وقانون محاربة الفضاء الإلكتروني، كانت في تأثيرها وتأجيجها للغضب أكثر من أي شعار استفزازي أو تحريضي.
وبالتالي كان التصعيد والرد الجاهز بالاعتقالات، و تجاهل العودة إلى جذور المشكلة.
المسألة في غاية في التعقيد وغاية في البساطة، معقدة في تفاصيل رؤية إصلاحية حقيقية، وبسيطة الفهم عندما يعي كل واحد مناـ والأهم المسؤولون عن صنع القرار، أن طموح الشاب في الطفيلة لا يختلف عن أي من طموحاتنا وطموحات أبنائنا: شباب الطفيلة ، مهما علت أصواتهم يأملون ويطالبون في فرص متساوية بالتعليم، والعمل، والزواج وبناء عائلة، وينشدون الفرح والطمأنينة، فلنفتح أبواب الحلم والأمل أمامهم، قبل أن تغلق أبواب الاستقرار في وجهنا جميعاً.