تسرب الطلبة من المدارس..((ظاهرة)) .. تستدعي الإهتمام

من الظواهر التي يعيشها ويعاصرها المجتمع الأردني والتي تستدعي الإهتمام ، وتحتم الوقوف إزاءها وتطلب من كل طرف فيها الانتباه لها ، والتعامل معها بروح الجدية والحرص ، وإعطاء المسألة الكثير من الحزم ، لنتمكن من الإمساك بزمام الأمور ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، هي ظاهرة تسرب أعداد كبيرة من الطلبة من على مقاعد الدراسة ، فالجدير بنا كمجتمع متكامل متعاون ، والوقوف على هذه الظاهرة من كافة جوانبها ، لتسليط الضوء على أسبابها وإيجاد ما تيسر من الحلول الملائمة للتقليل من نسب الطلبة المتسربين.

 

وما لا يمكن إنكاره ، أن هذه الظاهرة من الظواهر الخطيرة التي باتت تفتك بمستقبل الشباب وتهدد وجوده ، أعداد ونسب متزايدة في كل عام من الطلبة المتسربين ، وعدم وعي من أهالي بعض الطلبة وعدم إدراكهم للدور الصحيح الذي يجب أن يقوموا به لدرع أولادهم من ذلك ، وتقصير وإهمال من المدرسة في كثير من الأحيان ، كل ذلك جعل هذه االظاهرة تتغلغل بمجتمعنا بصورة واضحة ، فباتت حقيقة لا يمكن انكارها .

 

ورغم ما تبذله وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الأخرى من جهود كبيرة للحد من هذه الظاهرة ، أو لتقليل نسبها حتى إلا أن التسرب لا زال موجوداً وبشكل ملحوظ خاصة بين صفوف الطلبة الذكور أكثر من الإناث ، ليلتحقوا برفاق السوء ، أو للذهاب للعمل نتيجة ظروف اقتصادية ومادية، ومنهم من يعاني داخل الأسرة نفسها مثل التفكك والإهمال وغيرها .

ووفق ما أكده أحد المرشدين (والذي فضل عدم ذكر اسمه) ، أن هذه الظاهرة ناقوس خطر يدق ويهدد مستقبل الشباب الذي من المفترض أن الوطن قائم عليهم ، وسبب وجود هذه الظاهرة يعود لأسباب عدة ، منها الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ، ولا يمكن لأي طرف إلقاء اللوم على الطرف المقابل، فهذه مسؤولية مشتركة بين كل من الأسرة والمدرسة ، وللطالب نفسه ، فتندي التحصيل التعليمي وعدم الاهتمام بالمادة الدراسية والظروف الأسرية الصعبة ، والأمور الاقتصادية كلها تدفع الطلبة للتسرب من المدرسة، بالاضافة للزواج المبكر عند الإناث الذي يدفعهن لترك المدرسة وعدم إكمال تعليمهن .

ويضيف : أسباب التسرب لا تقتصر على ماذكر فقط ، فهناك كثير من الطلبة ينفر من المدرسة نتيجة للعقاب المعنوي والمادي الذي يجده بالمدرسة وسوء المعاملة من قبل المعلمين ولأنه لا يوجد شخص يستطيع فهمه وإيجاد الحلول له ولمشاكله.

 

ومن وجهة نظر بعض المعلمين فإن مسؤولية التسرب وان كانت مشتركة بين الأسرة والمدرسة إلا أن الجزء الأكبر منها يقع على الأسرة, لأنهم بالأصل لا يتابعون الأبناء وبخاصة الذكور, ولا يهتمون بدراستهم, أو حتى دوامهم بالمدرسة, وأن هناك بعض الأسر ما يعنيها فقط هو جلب المال من قبل الأبناء, وتشجيعهم على العمل في سن مبكرة, الأمر الذي يجعل الطالب يترك المدرسة ويتوجه لسوق العمل, وهذا الأمر قد يجعله يلتقي رفاق السوء خاصة ممن يكبرونه سنا, الأمر الذي يؤثر سلبا على مستقبله بشكل عام.

وبعض أولياء الأمور يلقون اللوم على المدرسة بشكل أساسي, فحسبما يرون بأن عدم وجود المرشد التربوي في بعض المدارس, وعدم اهتمام بعض المعلمين بالطلبة والتركيز على عدد معين فقط, إضافة لوجود عدد كبير من الطلبة في الغرفة الصفية وبخاصة في القرى, الأمر الذي يعيق العملية التعليمية بالنسبة للكثير من الطلبة خاصة وان قدرات الطلبة متفاوتة, وتعرضهم للعقاب من قبل المعلمين, يساهم بشكل كبير في تسرب الطلبة من المدارس..

 

وزارة التربية والتعليم عملت بكافة الوسائل للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت كناقوس خطر يدق باب الوزارة وخاصة بين الطلبة الذكور ، ورغم أنها أكدت تراجع نسب الطلبة المتسربين من المدارس خلال السنوات الماضية ، إلا أن الاتهامات لا زالت بين أولياء الأمور وإداراة المدرسة ، والمرشدين وأعضاء الهيئة التدريسية ، كل ٌ يلقي بلومه على الآخر .