مزاجية التقاعد في وزارة التعليم العالي


ليس فقط في المعالجات السياسية والاقتصادية «أمورنا خربانة»، بل أيضا في حقوق البشر، ومستقبلهم وأسرهم، حتى تنفيذ القوانين والتعليمات في مؤسسات الدولة ما زال يدار بطريقة مزاجية وانتقائية.
ما تسمعه من ملاحظات متظلمين على ما يُجرى في وزاراتنا، خاصة وزارة التعليم العالي التي أحالت ثمانية على التقاعد، شيء لا يصدق.
المفترض ان هناك قوانين وانظمة وتعليمات تنظم عمل الوزارات والدوائر الحكومية المختلفة، وان تلك القوانين والانظمة عامة لا يوجد بها ما يسمح لهذا المديرأوالأمين العام أو الوزير أن يتعامل معها بطريقة انتقائية ومزاجية وفردية، وعلى اساس العواطف والاهواء الشخصية المزاجية.
فمثلا لو أخذنا قانون التقاعد المدني على سبيل المثال، فهل نجد فيه نصا واضحا ومحددا وعاما لجميع الموظفين العامين يحدد متى وكيف يحال الموظف الحكومي على التقاعد؟ وهل هناك مسطرة واحدة تسري على الجميع من دون استثناء، بمعنى ان كل من انهى عدد السنوات القانونية للتقاعد يحال تلقائيا على التقاعد ولا يعاد للعمل في القطاع العام والحكومة مرة اخرى بعقد او بمسمى آخر وبراتب يفوق راتبه قبل الاحالة على التقاعد؟ ام ان الامور متروكة للوزير وامينه العام يتحكمان بموظفيهما ويخضعونهم للابتزاز؟ ولماذا هناك من يحال على التقاعد فورا لمجرد وصوله سن الشيخوخة أو إكمال سنوات الخدمة؟ وهناك من تجاوز سن الشيخوخة بأكثر من عشر سنوات ؟ ولماذا اصلا لا يتم تطبيق سن الشيخوخة او اكمال سنوات الخدمة على الامناء العامين انفسهم؟ هذا اذا غضضنا النظر عن الوزراء بحكم ان الوزارة مسؤولية سياسية في الأصل.
في وزارة التعليم العالي أحال الوزير بتنسيب من الأمين العام ثمانية موظفين على التقاعد في الوقت الذي يوجد في الوزارة من أكمل سنوات خدمته بمن فيهم الأمين العام نفسه الذي تزيد خدمته على ثلاثين عاما، وعندما يراجع هؤلاء المحالون على التقاعد الوزير يخبرهم بأن هناك قرارا حكوميا باحالة كل من انهى سنوات خدمته القانونية على التقاعد ؟ فهل هذا صحيح حقا، وكيف يكون صحيحا وهناك من يعمل في وزارة التعليم العالي نفسها بعقد ويتجاوز الخامسة والستين وهو متقاعد سابق من احدى الجامعات الحكومية، ومدير مكتب الوزير نفسه تم التمديد له حيث انه تجاوز الستين من عمره، وكيف يتم دعم خزينة الدولة والتوفير فقط بهؤلاء الثمانية من دون المئات الآخرين في الدوائر الحكومية المختلفة، واذا كان المقصد هو التوفير على الخزينة والدفع بالفئات الشابة الجديدة للعمل في القطاع العام، فلماذا يتم التحايل بتوظيف من هم متقاعدين بعقود او يمدد لهم بقرارات استثنائية، وفي الوقت الذي لا تساوي قيمة الوفر المتحقق من احالة هؤلاء على التقاعد ما يوازي مكافآت الأمين والوزير . ولماذا يحال هؤلاء على التقاعد الآن ولم يبق سوى اربعة اشهر بحد اقصى لحصولهم على الزيادات السنوية المقررة لهم والترفيع والتي هي من الحقوق البدهية للموظف، ولماذا يتم احالة هؤلاء للتقاعد في ظل الاعلان فقط النية لتعيين مستشارين ثقافيين للوزارة بالخارج، ولماذا يتم اشتراط الذكور للتقدم لوظيفة مستشار بالباكستان ؟ علما بان غالبية من احيلوا على التقاعد يحققون شروط شغل هذه الوظائف.
المنطق يقول انه بداية يجب ان توضع آلية ومعايير متساوية شفافة ومعلنة في وسائل الاعلام المختلفة ولكل الدوائر الحكومية وعلى الامناء العامين والوزراء الالتزام التام بها ويجب ان تخلو تلك الآلية من أي بنود تسمح للوزير أو حتى رئاسة الوزراء بالاستثاء او التقدير الشخصي والذاتي ويجب ان تخلو الآلية من بند «ما يراه الوزير مناسبا «.