لن ندفع فواتير عهركم


في متاهات السياسة وعرّابي التياسة من اصحاب القرار في وطني وجد الاردني نفسه غريباً في احضان وطنه ومعاقباً برقمه الوطني وشقياً في رحم أمه التي بالكاد لا تجد ما تَسُد به آفة الجوع والحرمان وابواب الهم واقساط الحياة التي يسمونها كريمة وشاركها كل اردني قابض على جمر الانتماء لوطن ما عادت ارضه ولا سماؤه ولا كلمته العليا لمواطنيه .
وفي وطني المستباح فساداً يصحى مواطنوه دوماً على ذات الحكاية التي اختلطت اوراقها بالجهل السياسي المقصود وتقديس الاوثان ونوّهم انفسنا دوماً بان الوضع بخير وان القادم أجمل واننا بالمقارنة مع دول الجوار ( التي تحصد مما تأكل وتلبس مما تصنع ) اننا الافضل وان فتات الديموقراطية التي نعايشها واختزالها بحريتنا في النقد والشتم في مجالس العزاء والجاهات وعند اكتضاض الادوار في الاسواق هي الميزة التي نحرص عليها ونسبح بحمد الحكومات المتعاقبة بان وهبتنا اياها وميزتنا فيها عن باقي دول العالم حتى اصبحت النميمة السياسية احدى الملامح التي شكلت صورتنا في وجه حكومة رغدان وحكومة الجندويل وحكومة الدوار الرابع .
وفي وطني الذي اصبح مواطنيه عبارة عن دافعي ضرائب ووظيفتهم المُثلى هي تغذية نقص الموازنة الحبلى بسياسات الفشل الحكومي والتخطيط الاقتصادي الاعرج وبيع الاصول وتسييد الخصوم واحصاء اعداد الوزراء الصلعان والطارئين ووزراء بدل فاقد وتوريث المناصب ما زلنا ندفع الثمن على حساب كرامتنا ولقمة اولادنا حتى باتت الحكومات تشحد رواتبنا شهراً بشهر وتقاعد طبقة الوزراء يكلفنا ( 170 ) مليون دينار مع استثناء رواتب النواب ( والنائبات ) مدى الحياة فأي تناقض هذا واي عهرٍ هذا الذي نعايشه ونرتضيه لانفسنا .
في وطني الذي اصبحت به الحياة الكريمة حلماً يداعب الصغار والكبار كما اصبح فيه السفر والاغتراب حلماً يراود كل خريج جامعي بعدما اصبحت الوظيفة الكريمة التي عّف عنها ابناء علية القوم وتركوا لنا فتاتها لنتعايش ونتواسط ونتزاحم ونتقاتل للحصول عليها حلماً هي الاخرى بعدما ايقنا تماماً بان من ( جّد ما وجد ) وانه تأتي على قدر الفاسدين المناصب ما زالت آليات البذخ الحكومي وعقلية الدول النفطية واضحةً للعيان حين يعجز ابناء الشعب عن ركوب الحافلات للتنقل ويشاهدون بالمقابل عشرون الف سيارة حكومية ذات لوحة حمراء تجوب الشوارع وتشارك بالفاردات والرحلات وتكلف موازنتنا مائتان مليون دينار سنوياً وما زلنا نتوهم ونعتقد باننا فقراء ولا مورد لنا وان السبيل الوحيد لكي نبقى على قيد الوجود هو التسول على ابواب الخليج وتقديم الاردني لاحقاً لهم بصورة الشحاد والمأجور في عالم لا يعترف بكرامة الفقراء ضمن معادلة ( النفط مقابل الكرامة ) وحدث ولا حرج في بلد المتناقضات والضحك على الذقون .
والآن بعدما ترك الفقر والحرمان وقلة الكرامة للاردني مقداراً كافياً من الوعي ليدرك حقيقة المعادلة الآثمة بين ( الفاعل والمفعول به ) ويصحى الاردني بعد سُبات الولاء على فقر الموازنة ومديونية تنوء باولي العصبة من الرجال بفواتيرها التي ذهبت لتسديد مواقف البهلوانيين الجدد وبرامج التحول ( من الكرامة للعبودية ) وبناء القصور على حساب الديوان وهبة الاراضي وشراء الذمم وتأليف الجيوب واساطيل المراكب الفارهة وفواتير السفر والعهر الرسمي حتى افتى الشيوخ بجواز التصدق على الشعب الاردني , الآن لن ندفع فواتير عهركم وترفكم يا طبقة السادة وابناء السادة وابناء الخبازات وقد رأينا اين ذهبت الاموال عبر السنوات الاخيرة واين ستذهب عبر السنين العجاف القادمةالتي تعدونا بها .
Majali78@hotmail.com
خلدون مدالله المجالي