قرفتُ حتى منّي

الكتابة اليومية استنزاف حقيقي للإبداع ، وتقييد لحرية المبدع ، لذلك فانني اشفق عليّ كثيراً وعلى كل كتاب الأعمدة اليومية في الصحف لانهم مطالبون بالتواجد اليومي كطابور الصباح في اية مدرسة ..!! صحيح ان الأحداث الجارية أوجدت زخماً كبيراً بالمواضيع الا ان الكاتب العميق ليس مهيأ دائماً ليكتب ؛ حرصاً منه على ان تكون كتاباتة بالمستوى الذي يرضي غروره كمبدع .

فالكتابة بعد ان ان تكون واجباً فكريا فهي ايضا بشتى انواعها تنفيس وترويح عن النفس للكاتب والقارئ معاً والذي دائماً ينتظر من يبحث عن مكنونات نفسه ليصوغها بالشكل الجمالي النهائي على شكل مقال او قصة او رواية او حتى أغنية .

ربما يتساءل البعض عن مناسبة هذا الكلام ، فأجيب لانني اعاني هذه الأيام حالة من القرف والملل ، ونوبات من الكسل الذي لم يفارقني طول حياتي الا ان الجرعة زادت هذه الأيام ، ربما تكون حالة عامة يشاركني بها معظم من حولي وحول من حولي ، الا ان هذه الحالة تقلقني هذه الأيام لانني اجهل سببها ومصدرها ، خصوصا انني مشغول دائماً باحلام ومشاريع انوي التخطيط لها ، وحياتي دائماً في انشغال دائم الا انني اجد صعوبة في ترتيب نفسي .

لم يعد يقلقني شيء هذه الأيام سوى حالتي التي شرحتها لكم ، فلا الوضع في سوريا يستدعي اي قلق ، ولا الفساد بات يقلقني ولا ارتفاع الاسعار بات يشغلني ولا رسوم مدارس اولادي وثمن الكتب ولوازمهم المدرسية ولا اجار الدار ولا فواتير الكهربا المتراكمة لاشيء مما ذكر ، كل مايقلقني الان ويجعلني غير قادر على الكتابة هو شعوري بالقلق غير المبرر ، فلا شيء مقلق ابداً فكل الأمور تجري عكس التيار وهذا وحده كافٍ لأن اطرد حالة القلق والملل والكسل الا انني اشعر بالعجز .

ومن العجز عن وقف هذا الدم المُهرق ..أشعر انني قرفتُ حتى مني ..!