الإلمام في منازل وبطون وأعلام وأنساب جذام

الإلمام في منازل وبطون وأعلام وأنساب جذام


بقلم الباحث : أحمد بن سليمان بن صباح ابوبكرة الترباني


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد :


لقد أحببت أن أصنف هذه الرسالة عن بطون وأعلام ومنازل وأنساب قبيلة جذام , هذه القبيلة العربية التي شع نجمها وأتسع نفوذها في البلدان .


وأبين الاحاديث النبوية التي جاءت في فضل جذام وأميز الصحيح والسقيم منها على منهج أهل الحديث ثم أبين أعلامها وبطونها قديماً و أبين بطونها المعاصرة على طريقة السرد ثم أفصل القول في مسألة ( نسب قبيلة الترابين ) .


وقد جعلت رسالتي كما يلي :


1ـ ذكر الأحاديث التي جاءت في فضائل جذام .


2ـ نسب جذام .


3ـ منازل قبيلة جذام .


4ـ ذكر أعلام جذام .


5ـ ذكر بطون جذام القديمة والمعاصرة .

6ـ نسب قبيلة الترابين وبيان سبب التسمية .


باب (1) ـ ( ذكر الأحاديث التي جاءت في فضائل جذام ) .


1ـ حديث ( الإيمان يمان هكذا الى لخم وجذام ) .


( صحيح )


أخرجه أحمد والطبراني في ( مسند الشاميين ) والدولابي في ( الكنى ) وابن عساكر في ( تاريخه ) وخرجه العلامة المحدث الألباني في ( الصحيحة ) .


2ـ حديث ( خير الرجال رجال أهل اليمن ، والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة ؛ ومأكول حمير خير من آكلها ، وحضرموت خير من بني الحارث ، وقبيلة خير من قبيلة ، وقبيلة شر من قبيلة ، والله ! ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما ، لعن الله الملوك الأربعة : جمداء ، ومخوساء ، ومشرحاء ، وأبضعة ، وأختهم العمردة . ثم قال : أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشا مرتين ؛ فلعنتهم ، فأمرني أن أصلي عليهم ؛ فصليت عليهم مرتين . ثم قال : عصية عصت الله ورسوله ؛ غير قيس وجعدة وعصية . ثم قال : لأسلم ، وغفار ، ومزينة ، وأخلاطهم من جهينة : خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم القيامة . ثم قال : شر قبيلتين في العرب : نجران وبنو تغلب ، وأكثر القبائل في الجنة مذحج ) .


( صحيح )


اخرجة البخاري في (تاريخه) (4/248) والفسوي في (المعرفة) (1/327-329) وابن أبي خيثمة في( تاريخه) (ق10 وق267) والطحاوي في (مشكل الآثار) (2/273-274/رقم802) وقد قال شيخنا الالباني في ( السلسة ) : غريب المتن صحيح الإسناد .


قلت : والله اعلم ان الغرابة هنا , انه مركب من احاديث صحيحة .


3ـ حديث ( الإيمان يمان إلى حندس وجذام ) .


( صحيح مرسل )


أخرجه ابن أبي عاصم في ( الآحاد والمثاني ) ( 188) بسنداً صحيح إلا أن عبدالله بن عوف ليست له صحبة , والحديث له شواهد .


3ـ حديث ( الإيمان يمان إلى لخم وجذام وصلوات الله على جذام ) .


( صحيح مرسل )


قال العلامة المحدث الألباني في ( الصحيحة ) : (وهذا مرسل، رجاله ثقات، وعزاه السيوطي في ((الجامع الكبير)) للشيرازي عن أبي هريرة مرفوعا، وزاد: (( يقاتلون الكفار على رؤوس الشعف ، ينصرون الله ورسوله )).

ولم أقف إلى الآن على إسناده، و قد أشار السمعاني في مادة (الجذامي) إلى ضعفه.

وللحديث شاهد صحيح في أول الحديث التالي.

والشطر الأول منه متفق عليه من حديث أبي هريرة، وله عندهما تتمة، وهو مخرج في ((الروض النضير)) (1045) .

ثم رأيته في ((تاريخ دمشق)) (6/298) من مرسل رَوحِ بن زِنباعٍ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:

(( الإيمان يمانٍ حتى جبال جذام ، وبارك الله في جذام )) .... ) .


قلت : وجلّ هذه الأحاديث لها شواهد ومتابعات مما تثبت فضائل قبيلة جذام وإخوتها من لخم وعاملة .


5ـ قطعة من حديث الدجال : (حدثني؛ أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام. فلعب بهم الموج شهرا في البحر ) .


( صحيح )


أخرجة مسلم في ( صحيحه ) .


قلت : سأل الدجال هؤلاء النفر من جذام ولخم عن أمور يعرفونها في بلادهم مثل سؤاله عن نخل بيسان وعين زغر وبحيرة طبريا وكلها في فلسطين وما حولها وهي من منازل لخم وجذام .



باب (2) ـ ( نسب جذام )


أختلف أهل النسب في جذام فمنهم من نسبها إلى قحطان ومنهم من نسبها إلى عدنان .


ومن الذين نسبوا جذام إلى قحطان كثر وأبرزهم ( ابن الكلبي وابن إسحاق وابوعبيدة وغيرهم من أهل النسب )


والصواب عندي أن ( جذام ) من معد بن عدنان , ومن الأدلة والبراهين على صحة نسب جذام الى معد بن عدنان هو كالتالي :


1ـ نسابة مضر ينسبون ( جذام ) إلى أسدة بن خزيمة . ( أنساب الأشراف ) ( 43) .


2ـ ابو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ينسب ( جذام ) إلى أسد بن خزيمة . أخرجه خليفة بن خياط في ( طبقاته ) ( 1/130) والحازمي في ( عجالة المبتدي ) (45) و ذكره مغلطاي في ( إكمال تهذيب الكمال ) ( 5/77) .


قلت : وكفاك سنداً بأنسب الناس ابو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ .


3ـ وفي حادثة جبير بن مطعم مع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في خبر النعمان بن المنذر , قال ابن عبدالبر في ( الأنباه على قبائل الرواة ) (1/98 ) : ( قالوا وجبير بن مطعم نسابة علامة لا يدفع علمه بذلك , ومن قال بقول جبير بن مطعم هذا فإنه يقول إن أسدة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر هو أبو جذام وإن جذاماً لحقت بأرض الشام فأنتموا إلى سبأ ولحقوا باليمن . ) .


قلت : وجبير بن مطعم من فحول أهل النسب لا يشق له غبار في هذا .


4ـ قال امرئ القيس كما في ( ديوانه ) (431) وابن عبدالبر في ( الأنباه على قبائل الرواة ) (1/98) :

ألم ترنا وريب الدهر رهن

بتفريق العشائر والسوام

صبرنا عن عشائرنا فبانوا

كما صبرت خزيمة عن جذام


قلت : وهذه الأبيات تثبت نسب جذام في خزيمة بلا شك .


5ـ قال أبو سمال الأسدي وهو سمعان بن هبيرة كما في ( نسب قريش ) ( 43) يذكر نسب جذام ولخم وعاملة :


أبلغ جذاما ولخما إن عرضت بهم

والقوم ينفعهم علماً إذا علموا

لأنتم في صميم الحق إخوتنا

إذ يخلق الماء في الأرحام والنسم


6ـ قال بشر بن ابي خازم الأسدي كما في ( انساب الأشراف ) (153) :


صبرنا عن عشيرتنا فبانوا

كما صبرت خزيمة عن جذام

وكانوا قومنا فبغوا علينا

فسقناهم إلى البلد الشامي


وجاءت الأبيات في ( المفضليات ) (1/233) :

ألم تر أن طول الدهر يسلي

وينسي مثل ما نسيت جذام

وكانوا قومنا فبغوا علينا

فسقناهم إلى البلد الشامي .


جاء في ( شرح المفضليات ) (648) للشيخين أحمد شاكر وعبدالسلام هارون : ( قال أبو عمرو بن العلاء : ليس للعرب قصيدة على هذا الروي أجود منها , وهي التي ألحقت بشراً بالفحول ... ) .


وجاء أيضاً في ( شرح المفضليات ) (659) : ( وقال الأخفش : جذام بن أسد ) .


ويتكلم الدكتور فاروق أحمد اسليم في ( الأنتماء في الشعر الجاهلي ـ دواعي الأرتحال الجماعي ـ ) ( منشورات أتحاد الكتاب العرب 1998) يتكلم على أبيات بشر الأسدي قال : ( لقد أرتحلت جذام ولكن قومهم بني خزيمة أسد وكنانة وقريش لم يسامحوهم ..... ).


7ـ قال الكميت بن زيد الأسدي كما في ( أنساب الاشراف ) (153) :


وأم جذام كانت ظئار قوم

على قوم وعطف ذوي عقول

ألجتهم مباعدة وكانوا

بني الهواس في الظلم المصول

فباتوا في بني أسد عليهم

مجازمن خزيمة ذي القبول


8ـ قال جنادة بن خشرم الجذامي

وما قحطان لي بأب وأم

ولا تصطادني شبه الضلال

وليس إليهم نسبي ولكن

معدياً وجدت أبي وخالي


قلت : وهذا تصريح واضح من ابن خشرم الجذامي في نسبه .


9ـ قالت إمرأة من بني اسد , كما في ( أنساب الاشراف ) (153) :


نظرت حول جارتيها وقالت

ليتني قد رأيت قومي جذاماً

قد أرانا ونحن حي تهامون

جميع مطنبون الخياما

ثم شطت دياركم بعد قرب

فإليكم يا قوم أهدي السلاما


10 ـ جاء في ( تاريخ اليعقوبي ) ( 1/230) :وقال عبدالمطلب بن هاشم في شعر له :

فقل لجذام إن أتيت بلادهم

وخص بني سعد بها ثم وائل وأنيلوا

وأدنوا من وسائل قومكم

فيعطف منكم قبل قطع الوسائل


11ـ جاء في ( أنساب الأشراف ) (153) : (ونساب مضر يقولون : أن أسدة هذا أبو جذام , وأن ولده غاضبوا إخوته فأخرجوهم فأتوا الشام ) .


قلت : وهذا يسلم على أبيات بشر بن أبي خازم الأسدي .


12ـ وقد نسب روح بن زنباع الجذامي قومه إلى أسد بن خزيمة إلا أن نائل بن قيس الجذامي أعترض عليه كما ذكره ابن حزم في ( الجمهرة ) ( 431) وهذا الاعتراض لا ينفي النسب , فإن هناك من جذام أنتسبوا الى خزيمة مثل ابن خشرم الجذامي , لاسيما وأن أنسب الناس وهو ابوبكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ نسب جذام إلى اسدة بن خزيمة , وكذلك جبير بن مطعم وهو نسابة فحل , وهؤلاء حجة في الأنساب وكفاك بهم سنداً .


13ـ ذكر مغلطاي في ( اكمال تهذيب الكمال ) (5/77) : ( واما الزبير فإنه قال : جذام بن عامر بن أسدة بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار , فهو قول يحكى عن أنسب الناس أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ) .


14ـ قال اليعقوبي في ( تاريخه ) ( 1/229) : فأما أسد بن خزيمة، فإن ولده انتشروا في اليمن، وهم: جذام، ولخم، وعاملة بنو عمرو بن أسد، وكانت مضر تدعي جذاما خاصة، وبنو أسد مقيمون على أنهم منهم يواصلونهم على ذلك، ويعدونهم منهم ) .


قلت : وهذه الأدلة التي ذكرتها تثبت نسب ( جذام ) إلى خزيمة بن مدركة , وقول أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يكفي فهو أنسب الناس بلا منازع .


باب (3) ـ ( منازل ومواطن جذام ) .


من أهم مواطن جذام قديماً هي ( حسمى ) و ( إيلة ـ العقبة ـ ) و( الأتم ) , ذكر أبو علي الهجري في ( التعليقات والنوادر ) (1305) : ( الأتم : أنشد لحسين بن قبيضة المحربي من محربة جذام من أرجوزة طويلة :


وعزلت أيلة والبحر المضم

عنها يميناً وتعدت في الأتم .... ) .


وقال أبو علي الهجري أيضاً ( 1391) : ( الأتم وادي يسيل من حسمى ... قال ابوجرادة الأشجعي : غضيان والعربة ولعلع من مدافع حسمى جذام ....... إلى أن قال الهجري : نعمى : ماءه يفيء عليها ظل الشوق بالعشي , والشوق أعظم جبل بحسمى ) .


قلت : الأتم وهو اليوم المعروف بوادي اليتم .


وفي صدر الأسلام أتسع نفوذ جذام في البلدان وأنتشروا في مصر وصحراء سيناء وفلسطين والأندلس , وأكثرهم في مصر وفلسطين والأردن .


باب (4) ـ ( ذكر اعلام جذام ) .


1ـ فروة بن عمرو الجذامي ـ رضي الله عنه ـ ملك عرب الروم .


2ـ أنيف بن ملة الجذامي ـ رضي الله عنه ـ مات ببيت جبرين بفلسطين


3ـ حيان بن ملة الجذامي ـ رضي الله عنه ـ


4ـ قيس الجذامي ـ رضي الله عنه ـ جاء ذكره في ( مسند الشاميين ) للطبراني .


5ـ نعيم بن همار الغطفاني الجذامي ـ رضي الله عنه ـ وهو من غطفان جذام , قال السمعاني في ( الأنساب ) (4/231) : ( هـو من غطفان بن سعد بن إِياس بن حَرَام بن جذام، بطن من جذام ).


6ـ رفاعة بن زيد الجذامي ـ رضي الله عنه ـ


7ـ بعجة بن زيد الجذامي ـ رضي الله عنه ـ


8ـ برذع بن زيد الجذامي ـ رضي الله عنه ـ وهؤلاء أبناء زيد ممن وفدوا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


9ـ زنباع بن روح بن سلامة الجذامي ـ رضي الله عنه ـ .


قال ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) ( 3/244) : ( ولزنباع الجذامي صحبة.


قرأت بخط أبي مُحَمَّد عبد الرحمن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن صابر ، فيما نقله من خط أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عبد الله الرازي ، وقال : زنباع الجذامي أبو روح بْن زنباع ، داره عند دار ابن أبي العقب بالقرب من درب القرشيين ، والمسجد المعروف بالصور ، والفندق الذي يباع فيه الغسول مع ما يليه من الدور من ميليه ، كانت كلها له.) .


10ـ مالك بن أحمر العوفي الجذامي ـ رضي الله عنه ـ .


11ـ عدي بن زيد الجذامي ـ رضي الله عنه ـ .


وكل ما ذكر أعلاه هم من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء ذكرهم في ( الإصابة ) و ( ومعرفة الصحابة ) لأبن مندة وكذلك لأبي نعيم و ( أسد الغابة ) و( الأستيعاب ) لابن عبدالبر وغيرهم .


12ـ الأمير روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي .


ذكر مسلم في ( الكنى والأسماء ) وغيره أنه له صحبة ! ولا يصح هذا بل هو تابعي من الطبقة الأولى .


جاء في ( أسد الغابة ) (2/352) : (قال ابن منده ، وَأَبُو نعيم : لا تصح له صحبة ، ولأبيه زنباع رؤية.) .


13ـ ابن شاس الجذامي .


ذكر البيهقي في ( السنن ) حديث رقم ( 14655) بسنده عن الزهري قال : ( أن ابن شاس الجذامي قتل رجلاً من أنباط الشام , فرفع إلى عثمان ـ رضي الله عنه ـ فأمر بقتله , فكلمه الزبير ـ رضي الله عنه ـ وناس من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ـ فنهوه عن قتله قال : فجعل ديته ألف دينار ) قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ قلت : هذا من حديث من يجهل , فإن كان غير ثابت فدع الاحتجاج به , وإن كان ثابتاً فقد زعمت أنه اراد قتله فمنعه أناس من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرجع لهم , فهذا عثمان ـ رضي الله عنه ـ وأناس من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مجمعون أن لا يقتل مسلم بكافر ..... ) أنتهى .


قلت : ومن عقب ابن شاس الجذامي خرج علماء وأمراء ومنهم شيخ المالكية جلال الدين أبو محمد عبدالله بن نجم بن شاس بن نزار بن عشائر بن شاس الجذامي المصري , ترجم له الذهبي في ( السير ) (22/91) وقال عن أسرة ابن شاس : ( بيت حشمة وإمرة ) .


14ـ أبو علي الحسن بن عبدالعزيز الجروي الجذامي , نسبه الى جري بن عوف من بني جشم بن جذام , من رواة الحديث توفي 257هـ , ذكره السمعاني في ( الأنساب ) .


15ـ السفطي الجذامي .


روى عنه ابن وهب .


16ـ أبن نباتة الجذامي ـ الملقب بـ ( امير الشعراء ) .


17ـ ابن الصباغ الجذامي ـ من شعراء الأندلس ـ .


18ـ ابن موهب الجذامي أبو الحسن علي بن عبدالله , توفي سنة 536هـ .


19ـ ابن الفخار الجذامي أبوبكر محمد بن علي , توفي 723هـ .


20ـ ابن شبرين الجذامي أبوبكر محمد بن أحمد , المؤرخ والأديب , توفي سنة 747هـ .


21ـ الملك محمد بن سعد بن مردنيش الجذامي الأندلسي صاحب مرسية وبلنسية .


وهناك أعلام من الفقهاء والقراء واهل الحديث من جذام مصر والأندلس لا يتسع المقال لذكرهم الآن , ونكتفي بهذا القدر من الأعلام .



باب (5) ـ ( ذكر بطون جذام القديمة والمعاصرة )


سوف أسرد بطون جذام قديماُ وبطونها المعاصرة التي تفرعت منها وحتى لا نطيل نسردها سرداً بلا تفصيل .


من بطون جذام القديمة :


بني الضيب ومنهم الصحابي رفاعة بن زيد الجذامي الضيبي , وصليع ومنهم الهنيد الصلعي , وغطفان , وأفصى , وهما من أكبر بطون جذام , وغطفان جذام غير غطفان معد , ومن غطفان جذام الصحابي نعيم بن همار الغطفاني .


جاء في الأعلام للزركلي (2/114) : ( وقال ابن حزم: غطفان، وأفصى، بطنان ضخمان، فيهما بيت جذام وعددها، وهما ابنا سعد ابن إياس بن أفصى بن حرام بن جذام , ونبه صاحب (طرفة الأصحاب) إلى أن غطفان هذه، هي غير غطفان عدنان.).


قلت : وهذه المسميات مع مرور الوقت تغيرت وطغى عليها مسميات أخرى من بطونها , والقبيلة حين تتسع وتنتشر يخرج فرع قد يطغى على الأصل .


ثم ظهرت بطون فيها العدد والشهرة قد شع نجمها كـ ( بنو عائد , بنو عقبة , بنو واصل ) وهذه البطون من أشهر بطون جذام لأتساع نفوذها وقوتها .


ومع مرور الوقت أفل نجمها فطغى أسم (بنو عطية ) على القبيلة الأم وهم بطن من بني عقبة , وهم بطون كثيرة ذكرهم الجزيري في ( الدرر ) فأتسع نفوذهم وقوية رايتهم .


ومن المسميات القديمة أيضاً التي تغيرت وطغى عليها أسم فروعها مثل ( بنو مهدي , بنو شاكر ـ غير بنو شاكر عقبة ـ , بنو سعد, بنو زهير , بنو طريف , بنو خصيب , بنو مسهر , بنو اسلم , بنو وهران , بنو نمير و بنو شجاع , بنو مرة , بنو فيض ...... الخ ) .


فهذه البطون قد تغيرت مسمياتها الآن وطغى عليها أسماء فروعها .


وأنتشرت بطون جذام في الشام ومصر والأندلس , ومن بطون جذام في الاندلس ومنهم بنو هود وبنو مردنيش وهم ملوك الأندلس .


وفي مصر بطون كثيرة من جذام فيهم الشهرة والإمارة ذكرهم الحمداني وفصل فيهما وكذلك القلقشندي وغيرهما , ومن أشهر بطون جذام في مصر ( العقيليون , بنو الوليد , بنو حية , بنو جوشن , بنو شاكر , بنو سعد , والمعازة ....... إلخ ) . وهم خلق كثير .


وأما في الشام فهم خلق كثير أيضاً ومنهم ( بنو مهدي , بنو زهير , بنو طريف , بنو عائذ , بنو عقبة , بنو واصل , بنو صخر , وبنو سعيد بحوران , بنو مالك وبنو فيض عرب القدس ....... إلخ ) .


وبطونها اليوم في الشام هم ( بنو عقبة , بنو عطية , الترابين , الوحيدات , الحمايدة , العجارمة , بني صخر ,الحويطات , الأحيوات , الجبارات , الرتيمات , المساعيد , السواركة , بنو حسن .... إلخ ) وكلها بطون كريمة ذات شأن .


ومن بدنات بني عطية الذي شع نجمها وأتسع نفوذها في البلاد هم ( الوحيدات , الترابين , الرتيمات , المساعيد ) ذكرهم العلامة الجزيري في ( الدرر ) ( 2/98) .


وقد رأيت بعض الجهال يطعنون في الجزيري بجهل مركب وهولاء لضعف أبصارهم بالعلم يعميهم نور البيان والحق , وكما قال الشنقيطي في ( أضواء البيان ) ( 2/432) : ( لِأَنَّ الْبَصَرَ كُلَّمَا كَانَ أَضْعَفَ كَانَ النُّورُ أَشَدَّ إِذْهَابًا لَهُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : ( الْكَامِلُ)


مِثْلَ النَّهَارِ يَزِيدُ أَبْصَارَ الْوَرَى

نُورًا وَيُعْمِي أَعْيُنَ الْخُفَّاشِ


وَقَالَ الْآخَرُ : ( الطَّوِيلُ )


خَفَافِيشُ أَعْمَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِهِ

وَوَافَقَهَا قِطَعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ .. ) .


ولهذا فإن الجزيري من أفضل من تكلم على هذه القبائل , قال الشيخ حمد الجاسر كما في ( مجلة العرب ـ العدد الخامس والستون ـ 15/8/1404هـ ) : ( ولا شك أن صاحب كتاب ( الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة ) أوثق وأعلم من غيره بأنساب القبائل الساكنة فيما بين مصر والمدينة المنورة .. ) انتهى .

وللجزيري معرفة في الأنساب فقد كان يميز بين الدخيل واللفوفة من بني عطية ومن الأصيل فيها , ودليل ذلك هو قول الجزيري في ( 2/119) : ( والمعاريف من لفيف بني عطية ) وقال ايضاً (2/116) : ( وطائفة تدعى باولاد عياد, من لفيف بني عطية ) فهذا يبين لنا دقة العلامة الجزيري ومعرفته في الأنساب فهنا ميز الجزيري بأن هؤلاء من لفيف بني عطية أي ليسوا منهم صليبة , وعندما قسم بني عطية ذكر كلمة ( بدنات ) اي بطونها فذكر أهم بطون بني عطية هم ( الوحيدات والترابين والمساعيد والرتيمات ) فجعلهم من أهم أقسام بني عطية وهذا يبين لنا دقة الجزيري ومعرفته في أنساب القبائل .


باب ( 6 ) ـ ( نسب قبيلة الترابين وبيان سبب التسمية ) .


قد كنت قديماً في بعض مقالاتي عن نسب الترابين أنسبها إلى البقوم على ضوء بعض الأدلة , وأتراجع عما سبق وأنسب الترابين إلى بطون جذام لتظافر الادلة في ذلك , والباحث يدور مع الحق حيث دار فإذا ظهر له الحق يرجع ولا يصر على ماهو عليه , فإن أكابر العلماء كالشافعي ومالك وأحمد وغيرهم من علماء أهل السنة تراجعوا عن كثير من المسائل التي أفتوا بها حين ظهر لهم الحق .


والمراجع القديمة تثبت بأن الترابين من بطون بني عطية إحدى فروع بني عقبة وهذا ما يرتاح له قلبي صدقاً , فقد أطلعت على بعض الأدلة التي تساند أقوال الجزيري الحنبلي وكذلك كلام مؤرخ الجزيرة شيخنا حمد الجاسر في نسب الترابين وإرجاعهم إلى بني عطية إحدى فروع بني عقبة .


( مسمى قبيلة الترابين )


وعن مسمى قبيلة الترابين تشير القرائن بأن هذا الاسم نسبة لوادي تربان بالقرب من رأس النقب على مسافة عشرين كيلو متراً شمال مدينة العقبة , و وادي تربان نزلت به القبيلة ولصق بهم أسم الوادي وهذه البلاد من مواطن جذام , وهذه الإشارة تعانق نصوص الجزيري الحنبلي حين نسب الترابين إلى بني عطية إحدى فروع بني عقبة , وكثير من القبائل العربية ألتصق بهم أسم الأماكن التي نزلوا بها كـ ( الأجئيون ) من طيء والنسبة الأجئي نسبة إلى جبل ( أجأ ) قال المسعودي في ( التنبيه والإشراف ) (1/77) : ( ومن لزم جبلي طيء أجأ وسلمى يقال لهم الأجئيون ) , وكذلك الغساسنة وهم من الأزد سموا بهذا لأنهم نزلوا بماء غسان قال الحازمي في ( عجالة المبتدي ) (57) : ( الغساني : منسوب إلى غسان مازن بن الأزد بن الغوث , قال الدارقطني : قبيلة , وقال أبو نصر وغيره : ليس قبيلة وإنما هو ماء , وقال ابن الكلبي : مازن إليه جماع غسان , وإنما غسان ماء شربوا منه فسمي غسان , وقال في ذلك الأنصاري :

إما سألت فإنا معشر نجب

الأزد نسبتنا والماء غسان

وقال ابن حبيب : غسان ماء شربوا منه بين زبيد ورمع فسموا به , وهم خلق كثير وعامتهم بالشام . ) . أنتهى .

وكذلك الأحابيش وهم بطن من قريش كما ذكر ذلك القلقشندي في ( نهاية الأرب ) ( 1/58) : ( الأحابيش : قال الجوهري: هم بطن من قريش، وقال المؤيد صاحب حماة في تاريخه: هم من بطون كنانة بن خزيمة. قال الجوهري: وسمي بذلك بجبل اسفل مكة اسمه حبشي اجتمع عنده بنو المصطلق وبنو الهون بن خزيمة فحالفوا قريشاً على أنهم يد واحدة على عدوهم ما سجا ليل ووضح نهار وما أرسى حبشي مكانه فسموا الأحابيش ، قال صاحب حماة: وليسوا من الحبشة كما يتوهمه بعضهم. ) .


وهذا كثير ومشهور في كتب الأنساب عند السمعاني والحازمي وابن عبدالبر وغيرهم .


أما ما يذكر بأن الترابين نسبة الى تربة شرقي الطائف فهذا لا يستقيم مع المراجع القديمة التي نسبت الترابين إلى بطون جذام والصحيح أن مسمى قبيلة الترابين نسبة إلى ( وادي تربان ) كما أشار إلى ذلك الأب مرمرجي الدومنكي في ( بلدانية فلسطين ) وهذا هو الذي يستقيم مع نصوص الجزيري الحنبلي حيث نسبهم إلى بني عطية إحدى فروع بني عقبة من جذام وهذه المواطن هي من حوش جذام ولا ينتطح في ذلك عنزان .

قال الدكتور يحي جبر في ( تحقيق أعلام الطريق التي سلكها المتنبي هارباً من الفسطاط إلى الكوفة ) ( مجلة مجمع مصر ) : (تِربان: وفيه قال المتنبي يخاطب ناقته :

وقلنا لها : أين أرض العراق

فقـالت ، ونحن بتـربانهـا

وقد أخطأ من ذهب إلى أن تربان هذا يقع قريبا من المدينة ، وإن كان هناك موضع يعرف بهذا الاسم ، وهوبعيد من العراق أيضًا ، أما قوله على لسان ناقته : ها ، فالإشارة إلى نجابتها وجَلَدها وسرعتها.

ونعتقد أنه المقصود بقول حسان بن ثابت ( ديوانه ) ( ص 368) . :

فلما علا تربان وانهل ودقه

تداعى وألقى بركه وتهزما

وهو في مطر غزير ، والمعروف أن مطر تلك المنطقة من جنوب الأردن يكون غزيرا . ونعتقد أن عرب الترابين من بادية سيناء والنقب وبادية الشام إنما سموا لعلاقة بهذا الجبل ونسبة إليه ، وفيه غرندل المشهورة بعينها وقد فتحت أيام عمر بن الخطاب بعد اليرموك،وذكر القلقشندي أنها كانت عاصمة لمقاطعة الكرك وأطرافها ذات يوم عن (بلدانية فلسطين ص 195). ..... ).


وكتاب ( بلدانية فلسطين ) للأب مرمرجي الدومنكي , وقد ترجم له الزركلي في ( الأعلام ) ( 1/543) .


وهذه إشارة قوية في مسمى الترابين لابد من الوقوف عليها .


وهذا النص يبين أن الترابين سموا بهذا الاسم لعلاقتهم بوادي تربان بالقرب من حسمى , لا سيما وأن أبناء عمومتهم ( الوحيدات ) لهم معالم قديمة في تلك البلاد وما حولها كـ ( بئر الوحيدي , وبئر ابن هرماس , ووادي الوحيدي , حمراء الوحيدي ) ويروي الحاج ( ابراهيم مساعد القوفي ـ وهو أول مشغل لمشروع الوحيدي ـ في أملج بمنطقة تبوك ) نقلاً عن مقال باسم ( رحلة عمر مع أول مشغل لبئر الوحيدي ) قال في حديثه عن بئر الوحيدي : ( وبعض الأغاني التي تمجد البئر في قديم الزمان ومنها :

بير الوحيدي ليتنا ما وردناه

فوقه غزيل توه القلب واشقاه .. ) .


وهذا يبين لنا أنهم من سالف الوقت في هذه البلاد , ويذكر الدكتور محمد المناصير في ( تاريخ الأردن في الحكم العثماني ) قال : (كما أستقرت عشائر العمرو والحمايدة والترابين حول الكرك ) .

بل يوضح الصورة أكثر راوية تبوك ( عايش بن فرج الضيوفي العطوي ـ رحمه الله ـ ) يروي ما سمعه من أبيه كما في التسجيل الصوتي الذي أرسله لي الأخ محمد الوحيدي , قال : ( الديرة كانت لمن ؟ قالوا يا أبو عايش ودنا نسمع منك الديرة , كانت لمن الديرة هذه الي نحن فيها ؟ قال : الديرة هذه للوحيدي , قالوا : كيف ؟ قال : الديرة للوحيدي كان يأخذ صرتها من الدولة العثمانية من أسطنبول , وكانت محمية له من حمرا الوحيدي لفلسطين وهي للوحيدي , ماءها وجبلها وسهلها للوحيدي , لما هاجر الوحيدي ورافقه نجم جد الترابين نزل الوحيدي بئر السبع , الوحيدي لحظتها له ثلاث بنات وهو في بير السبع , هذا الي خلا أبوي يقول من حمرا الوحيدي لفلسطين كلها ملك الوحيدي ماءها وجبلها وسهلها , أنه جاب مثال عليها على المياه بالذات المعروفة بالأردن , وهي معروفة أيام الصحابة , قال لحقه يا حبيبي ابن جازي الحويطي وهو نازل في بير السبع , يوم لحقه ومعه مجموعة من ربعه , فقال الرجل : آه ما لحقني غير وده له وحده من البنات ....... إلى أن قال : قال ابن جازي : طلبتك يالوحيدي قال جاك , قال : طلبتك أذرح والجربا , قال الله عطاك اياها ..... ) .


ومما يثبت كلام راوية تبوك الضيوفي ـ رحمه الله ـ هو كلام الرحالة عبدالغني النابلسي سنة 1105 هجري قال في ( رحلته ) (264) : ( ثم ذهبنا مع النائب احمد افندي جلبي المذكور فأجتمعنا ( بالشيخ واكد شيخ هاتيك البلاد ) وتكلمنا معه في الذهاب الى بلاد الحجاز من طريق البرية فأخبرنا أن حكمه الى قلعة المويلح وأنه يرسل معنا من العرب من يحملنا على جمالهم الى قلعة مويلح ..... ) .


وأيضاً مما يشهد لكلام راوية تبوك ( عايش الضيوفي ـ رحمه الله ـ ) ما جاء عند المؤرخ عارف العارف في ( تاريخه ) (79 ) في حديثه عن وحيدات الترابين قال : ( ولهم هناك ارض تدعى الضجيج فيها عيون أهمها أذرح ) .


قلت : والشيخ واكد هو واكد بن عايش الوحيدي جاء ذكره عند جوسان في ( العادات العربية في بلاد مؤاب ) ( 364) في حديثه عن بطون الترابين , وجاء ذكر حفيده حسن بن نمر بن واكد عند عارف العارف في ( تاريخه ) ( 79) في حديثه على الترابين .


وهذا مما يبين لنا أن الوحيدات والترابين من سالف الوقت في هذه البلاد , وأن قوة العلاقة المتينة التي بين الترابين والوحيدات تؤشر إلى قدمهم في البلاد , والترابين والوحيدات هم أبناء عمومة وخالات وهذا هو سر العلاقة المتينة بينهما .


وهنا وجب التنبيه بأن الوحيدات هؤلاء هم وحيدات الترابين ولا علاقة لهم بوحيدات الجبارات , وذلك لأن لا علاقة لوحيدات الجبارات مع الترابين أبداً , وقد بينت هذه المسألة في مقالي المنشور ( إثبات الفرق بين وحيدات الترابين و وحيدات الجبارات من حيث النسب ) فأنتبه رحمك الله .


وهناك موضع بالقرب من المدينة النبوية يسمى ( تربان ) ولا علاقة له بأبيات المتنبي , والمتنبي نفسه يوضح مكان ( تربان ) حيث قال :

فقلت لها : أين أرض العراق

فقالت ونحن بتربان : ها

وهبت بحسمى هبوب الدبور

مستقبلات مهب الصبا


وحسمى موضع قرب أيلة ـ العقبة .


ويوضح ذلك أكثر ابو العلاء المعري (1) في كتابة ( معجز أحمد ) ( 79) وهو شرح لديوان المتنبي , قال : ( فصعد في النقب المعروف بتربان , وفيه ماء يعرف بعرند فسار يوماً وبعض ليلة ونزل وأصبح فدخل حسمى , وحسمى هذه أرض صلبة تودي إلى أثر النخلة من لينها , وتنبت جميع النبات مملوءة جبالا في كبد السماء .... ) .


قلت : ( عرند ) والصحيح غرندل , يقول عاتق بن غيث البلادي ـ رحمه الله ـ : ( عرندل : صوابها : غرندل : ماء من أطراف الشراة الشمالية في الأردن ) .

ولهذا فإن مسمى الترابين نسبة إلى وادي تربان قد نزلوا به ولصق بهم إسم الوادي أو قد يكون ( تربان ) المنسوب إليه الوادي أحد رجالات جذام من أجداد القبيلة , وهذا صدقاً مما يستقيم مع نصوص الجزيري الحنبلي حيث نسب الترابين إلى بني عطية إحدى فروع بني عقبة من جذام .


لا سيما وأن قبيلة الترابين يعرفون بين القبائل المجاورة ( بأبناء عطية ) وأهل التاريخ والنسب مجمعون على أن جد الترابين اسمه ( عطية ) وقبره بالقرب من نويبع قرب أيلة , قال أوبنهايم في ( البدو ) (148) : ( جنوب غرب العقبة حيث يوجد ضريح الشيخ عطية الذي يزوره الترابين الموجودون هناك في كل ربيع ويذبحون له الذبائح ) (2) , وهذه الإشارات تثبت بأن الترابين هم من أحفاد عطية إحدى فروع بني عقبة , ومما يدل أيضا قول أحد الشعراء قديماً عن جد الترابين :


على الشرف خلن عطية

والنعام وإللي تلاه


والشرف هو مكان بالقرب من إيلة ـ العقبة ـ وبه يضرب المثل في شدة المشقة للجمال حيث يقال ( لا حج إلا بعرفة ولا جمال إلا بعد الشرفة ) جاء ذكر هذا عند الجزيري ( الدرر ) .


وذكر ابن كبريت في رحلته ( 76) :

قد حللنا بواد لا أنيس به

بنو عطية قد سموه بالشرفة

فنالنا منه بعد العي اربعة

بردّ وخوف ظما والريح مختلفة


وقد أستمعت إلى راوية تبوك ( عايش بن فرج ين صلمون الضيوفي العطوي ـ رحمه الله ـ ) يروي ما سمعه من أبيه , وهو شريط مسجل أرسله لي الأخ الفاضل ( محمد بن أكرم الوحيدي ) وجاء في حديث راوية تبوك عايش الضيوفي أن ( الوحيدات والترابين والحويطات والأحيوات ) كلهم من بني عطية .


وكذلك هناك روايات أخرى لراوي تبوك ( عيادة المجنون ) تشهد لكلام الراوي عايش الضيوفي العطوي .


وقد أطلعت أيضاً على كلام أخي الأستاذ تركي القداح في رده على المدعو راشد الأحيوي (الرد الأول والأخير للقدّاح على مقال الأحيوي الأخير ) قال : ( فإني أحتفظ بروايات عن بعض شيوخ بني عطية تؤكد أن الأحيوات من قبيلة بني عطية الكريمة وانفصلوا عنها في وقت سابق وهو مايتفق مع المصادر القديمة التي مضى على بعضها خمسة قرون وأكثر !) .


وهذه الروايات تعضد بعضها البعض وتشهد للعلامة الجزيري الحنبلي حين نسب هذه القبائل ( الوحيدات والترابين والحويطات والأحيوات والمساعيد ) إلى جذام حيث قال العلامة الجزيري في ( الدرر ) (2/114) : ( وينقسم درك النقب المذكور على أربعة أقسام لأربع بدنات من بني عطية فيكون أرباعاً : الربع الأول : لمشايخ الوحيدات .......... القسم الثاني : لطائفة المساعيد ...... القسم الثالث : لطائفة الرتيمات ....... القسم الرابع : لطائفة الترابين ....... ) .


وقال أيضاُ الجزيري مقسماً بني عطية الأهم الأهم في ( الدرر ) (2/116ـ 117) : ( وأما بنو عطية فهم طوائف كثيرة ونذكر ما تيسر منهم : ...... إلى أن قال : ومنهم الترابين : بألف ولام للتعريف وتاء مفتوحة مثناة وراء مهملة كذلك بعدها موحدة مكسورة وياء تحتية ساكنة ونون أخر الحرف , يختصون بثمد الحصى والفيحاء ووادي العراقيب وآبار العلائي نزولاً وطرقاً وليس لهم مقرر أصالة إلا الربع من خفارة عقبة أيلة كما قدمنا ذكره ) .

وقال ايضاً ( 1/624) : ( وطمعت عربان العائد فيمن أنقطع وانفرد من الحجاج فنهبوا من الجمال والاسباب بالثغرة ما قدروا وعليه كذلك الترابين من بني عطية وحما الله غالب الوفد من أعيان المفسدين منهم ) .


وكذلك أطلعت على وثيقة من قبل الأخ محمد الوحيدي , وهي من الأرشيف العثماني في اسطنبول بتركيا وهي من وثائق دفتر طابو مفصل لواء غزة العثماني كتبت بخط القرمة ( رقم الوثيقة tt265) بتاريخ 955 للهجرة بعنوان ( عرب بني عطية وعشائرها ) وذكر من عشائر بني عطية ( الوحيدات , الترابين ..... ) .

وكذلك نسب مؤرخ الجزيرة حمد الجاسر الترابين الى بني عطية إحدى فروع بني عقبة كما في رسالته إلى جميعان بن عيد بن جرمي ( مجلة العرب ) .


وذكر المؤرخ مصطفى الدباغ في ( القسم الثاني من ـ بلادنا فلسطين ) :

( والمشهور ان الترابين يعودون بأصلهم إلى قبيلة بني عطية الحجازية التي تقع منازلها في تبوك وأطرافها ) .


وتقسيمات بعض قبائل سيناء ( شطر حرام و شطر سعد ) التي ذكرها نعوم شقير في ( تاريخه ) تقرب لنا الصورة أكثر حيث ذكر أن في شطر حرام هم ( الترابين والأحيوات والحويطات ... ) ومسمى ( حرام ) تعرف به قبائل جذام وهو ( حرام بن جذام ) وسعد أيضاً كثير في جذام مصر , فهذا يبين لنا رواسب مسميات جذام في فروعها , فأنتبه رحمك الله .


والترابين والوحيدات أخوالهم بنو واصل من جذام , وأعراب جذام في ذلك الوقت لا يزوجون الغريب الذي قدم من بلاد بعيدة لتمسكهم في أنسابهم , وهذا مما يشير أيضاً أن الترابين والوحيدات من جذام .

ولهذا فإن اقدم مرجع نسب الترابين إلى بني عطية من فروع بني عقبة جذام , ويعرفون بين القبائل بأبناء عطية , وتسمية الترابين جاءتهم من محل إقامتهم قديماً ( وادي تربان ) وهذا صدقاً ما يثبته البحث العلمي ويميل له القلب .


هذا ما أحببت تبيانه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


كتبه :

أحمد بن سليمان بن صباح ابوبكرة الترباني


ــــــــــــــ

1ـ ابو العلاء المعري قد ذمه علماء السنة وحذروا منه , وفي ذلك يقول القحطاني في ( نونيته ) :

من قال في القرآن ما قد قاله

عبدُ الجليل وشيعةُ اللحياني

فقد افترى كذبا وإثما واقتدى

بكلاب كلب معرّة النعمان

ويقول ايضاً :

تعس العميُّ أبو العلاء فإنه

قد كان مجموعا له العَمَيانِ

2ـ الذبح لغير الله من الشرك والعياذ بالله , وهذا سببه أنتشار الجهل في ذلك الوقت .