"الحسن رئيسا للوزراء"!
كالنارفي الهشيم،انتشر خبر صحيفة لبنانيةغير مشهورةأردنياً، ولا تمتلك مصادرموثوقة محلياً،عن استقالةالرئيس فايزالطراونة وتوليالأمير الحسنبن طلالموقع رئيسالوزراء!تمّ تداول الخبرعبر مواقعالكترونية، وشهدنقاشات مطوّلةعلى مواقعالتواصل الاجتماعي،حتى إنّ شخصيات سياسيةووزراء سابقينأخذوا يؤكدونصحة القصة. وانتشرت سوق الإشاعات والأخبارالملفّقة خلالساعات، لتصبحهذه القصةالسطحية غير المنطقية من أهم الموضوعاتالمتداولة في العالم الافتراضي!صحيح أنّهلا يوجدما يمنعدستورياً وقانونياًمن توليالأمير الحسنهذا الموقع،لكن هنالكمليون سبب منطقي وموضوعيلرفض هذا السيناريو منذ الوهلة الأولى؛فهو سياسياًغير مقبول،ومبتور موضوعياًومنطقياً، حتى عندما أرادالملك الحسين،رحمه الله،إقالة الشريفزيد بن شاكر من منصبه رئيساًللوزراء، منحهصفة "الأمير"، فهذا الموضوعفي الأعرافالسياسية الأردنيةمحسوم. الغريب ليس في نشر الخبرفي تلك الصحيفة، بل حجم الاهتماموالتداول محلياًله. وهو مؤشر مهم عن مساحةالاختراق الإعلاميلنا، والناجمعن الفراغالكبير في المعلومة والسبقالصحفي المحلي،وإضعاف الإعلامالمحلي، بما فيه الرسمي،ما يجعلمن المواطنينوالسياسيين والمسؤولينعالةً على ما تجودبه الصحفالغربية والعربية،والصحفيون الأجانبحتى لو كانوا من الدرجة العاشرةفي بلادهم!هذه القصةقديمة- جديدة، لكن خبر تولي الأميرالحسن رئاسةالوزراء يعيدتسليط الضوءعليها، بخاصةأنّ المسؤولينلدينا يتذمروندائماً من تمادي الإعلام،بل وتحميلهمسؤولية الأزماتالسياسية والاقتصادية،والشكوى الدائمةمن الانفلاتفي هذا الحقل. لكننا لا نجد أيّاً منهميشكو، مثلاً،من ضعف الإعلام الوطني،وعجزنا عن مجاراة التطوراتالإعلامية العالمية،وعدم إدراكالمسؤولين لديناالأهمية الكبرىالتي وصل إليها الإعلاماليوم في صناعة القوةالناعمة للدولةوالتأثير على الرأي العام.التفكير الرسميدوماً لا يذهب إلاّباتجاه الضبطوالمنع والحجب،وليس التطويروالتقدّم والمهنيةوالاحتراف، وكأنّرؤية المسؤولينللإعلام المحليمحكومة بالعداءوالهيمنة! وتكفي نظرة سريعةعابرة إلى حالة الإعلامالرسمي، والتلفزيونالحكومي، لنكتشفحجم الفجوةفي التفكيرالرسمي نحو الإعلام العصريالمتطور. فالتلفزيون في حالةتراجع ونكوصمستمرين، وتقييدكامل لمساحةالحرية، وكأنّالمسؤولين بذلكيستطيعون السيطرةعلى الإعلام،وتوجيه الرأيالعام، بينماالنتيجة الحقيقيةهي أن هذه الوسيلةالمهمة بيد الدولة أصبحتمهمّشة، بلا قيمة، هي فقط عدّادللرواتب وتجميدللطاقات الإعلاميةالمبدعة. وهي مسؤولية تعودبالضرورة أولاًوأخيراً للقرارالسياسي، الذيإما يقررتطوير التلفزيونأو إعدامه!من المؤسفأن نجد دولاً شموليةواستبدادية وقمعيةبالمطلق انتبهتفي السنواتالأخيرة إلى أهمية الإعلاموقيمته وتأثيره،وضرورة منحهحيّزاً من الاستقلالية والحرية،بينما يصر المسؤولون لديناعلى قمع أي تجربةإعلامية ناجحةمستقلة، والسيربعكس التطوراتالعالمية!لو أخذنا التجربةالمصرية خلالالسنوات الأخيرة،للمسنا بوضوحقدرة الفضائياتوالصحف الجديدةالمذهلة على ملء الفراغالإعلامي، والاستحواذليس فقط على اهتمامالمواطن المصري،بل وحتىالمواطن العربيأيضاً، وتمكّنهاخلال سنواتمعدودة، من أن تصبحهي المصدرالرئيس للخبرالمحلي، على الأقل، وتمتلكالقدرات الفنيةلمنافسة وسائلإعلامية متطورةوعريقة.ما نطمح إليههو أن تستيقظ العقليةالرسمية فتفكربالطريقة الصحيحة،وليست المقلوبة،أي كيف نطوّر الإعلامالمحلي ونملأالفراغ، ونعيدالمصداقية والأهميةله. وهو تفكير، بالتأكيد،يقع في الاتجاه المعاكستماماً لما نراه اليوم!