اخبار البلد - علي بن الحسين
لقد تابعت منذ صغري الموهبة الكروية للكابتن محمود الجوهري سواء كمدرب عظيم أو كلاعب و هداف رفيع المستوى و خاصة بدايته الأسطورية في عام 1959 عندما توج المنتخب المصري بطلا لكأس أمم إفريقيا.
لقد كان مقدرا له أن يصبح أحد أعظم لاعبي المنطقة لولا الإصابة الخطيرة التي قطعت عليه مشوار اللعب و هو في عمر السادسة و العشرين، لكن عزمه و إصراره على متابعة العمل كمدرب في هذه الرياضة التي عشقها عزز مكانته الأسطورية على الساحة العالمية. و لذكر بعض من إنجازاته: فوز المنتخب المصري بكأس أمم إفريقيا كمدير للفريق، و ايصال المنتخب المصري لكأس العالم في إيطاليا عام 1990 للمرة الأولى منذ عام 1934 محققا بذلك معلما تاريخيا لمصر. أما على مستوى الأندية فقد نجح الجوهري بتحقيق الفوز لناديي الزمالك والأهلي المخضرمين في الدوري المصري و كأس أبطال إفريقيا.
و إنجازاته كمدرب أحرزت له أيضا لقب أفضل مدرب عربي ثلاث مرات في الأعوام 1989 و 1993 و 1998، و أفضل مدرب في إفريقيا عام 1998، و أحد أفضل 20 مدرب في العالم حسب قائمة فيفا لسنة 1998.
و بالإضافة إلى إنجازاته الكروية، ما أعجبني في الكابتن الجوهري كان قوة شخصيته و مبادئه ورباطة جأشه تحت الضغوطات، صفات نادرة سواء في عالم كرة القدم أو غيره. و كان هذا سبب اتخاذي لقرار مخاطبته عام 2002 عن إمكانية تدريبه للمنتخب الوطني الأردني. و في وقت لم يكن لمنتخبنا فيه المكانة المرقومة التي يحظى بها الآن، أخذ الكابتن الجوهري على عاتقه المسؤولية الصعبة و قبل التحدي.
بقيادته كمدرب للمنتخب الوطني الأردني فقد حقق الجوهري لنا مكانة رفيعة على ساحة الكرة الآسيوية و أثمرت جهوده بالوصول إلى الدور الربع النهائي من كأس آسيا 2007 حيث كانت الخسارة الوحيدة أمام المنتخب الياباني بركلات الترجيح. أما على الساحة العالمية فقد أوصل الأردن إلى مرتبة 37 عالميا في تصنيف فيفا.
و بعد تقاعده من التدريب عام 2009، كان لي شرف وجود الكابتن الجوهري كمستشار لكرة القدم الأردنية و مديرا فنيا لاتحاد كرة القدم الأردني حيث أشرف على برامج تطوير المنتخبات الوطنية للشباب في الأردن فضلا عن الأنشطة على مستوى الناشئين. تحت قيادته وتوجيهاته، تأهلت جميع المنتخبات الوطنية الأردنية لنهائيات بطولة آسيا.
أبا وزوجا مخلصا، كرس الكابتن الجوهري وقته لكرة القدم وخاصة للاعبين الذين رعاهم كأبنائه داخل وخارج الملعب بإنسانية لا مثيل لها في خدمته للآخرين. و كان مستشارا متفانيا وصديقا عزيزا يعاملني كأحد اللاعبين بروح مرحة كنت دوما أتطلع إليها.
قيادته وحكمته طوال مسيرتي مع الكرة لا تقدران بثمن. في لقائنا الأخير أخبرني أنه يقوم بإعداد خطة لخمسة سنين لتطوير كرة القدم الأردنية لفئة الناشئين، و استذكر قوله "ليس المهم من ينفذ الخطة سواء أنا أو من سيأتي بعدي، ما يهم هو الخطة نفسها". لسوء الحظ لم يكن لدي فرصة للاطلاع على الخطة معه ومع ذلك، فإنها كاملة و موجودة على مكتبه اليوم و جاهزة للتنفيذ.
كل الشكر و التقدير و الاحترام لك يا كابتن، ستبقى خطتك إرثا للأردن و ستستمر مصدر إلهام للأجيال القادمة بتفانيك لكرة القدم و نزاهتك و تواضعك.
رحمة الله عليك وألهم أهلك الصبر والسلوان.
إنا لله و إنا إليه راجعون.