كلمة حق لا يراد بها باطل

كلمة حق لا يراد بها باطل
لا شك أن هناك متغيرات وحراك و نشاط غير مسبوق يحيط بنا على الصعيد الداخلي والخارجي، و كما هي العادة والعرف السائد في بلداننا العربية فإن النخب تستحوذ على هذا النشاط إعلاميا و تنصب نفسها بطريقة غير ديمقراطية ممثلا لهذه النشاطات و تدفع برموز منها كي يكونوا أبطالا و قادة لها وبالتالي الحديث باسم الشعب، مما يفرز مطالبا تمتاز بالبعد عن حاجات المواطن الحقيقية و التي تمس حياته اليومية و مكوناتها الأساسية. و هذه النخب بتشكيلاتها الطبقية و توجهاتها السياسية لا تستطيع أن تتلمس حاجات الناس فهم لا يعانون ما يعانيه عامة أبناء الشعب من ضنك الحياة و ضيق العيش|.
إن هذه النخب غير قادره على تحديد احتياجات هذا الشعب و عكسها إلى مطالب، ببساطه لأن غالبيتهم لا تعيش ظروف هذا الشعب ولا تعاني ما يعانيه. ولا يتأثرون بارتفاع الأسعار ولا يشعرون بجوع الفقراء وقلة حيلتهم، وليس لهم هَمٌ بكيفية تأمين علاج أطفالهم. ولم يعانوا في توفير تكاليف تعليم أبنائهم. ولا يقفون في طوابير الدور على الباصات حتى يصلوا إلى أعمالهم. ولا يعاني أبنائهم و بناتهم من سوء المواصلات و افعال قلة الأدب. و لا يعانون من تداعيات قانون المالكين و المستأجرين، ولا يعانون من تغيير نظام التأمين الإلزامي على المركبات. ولا يشعرون بحالة قهر الأباء بسبب عجزهم عن تلبية حاجات أبناءهم وغيرها وغيرها من موسوعة معاناة أبناء الوطن. و ليتأكد الجميع من أن لقاءات فنادق و صالات الخمس نجوم لن تطالب بعدالة و لا حقوق لهذا الشعب. من ليس همه كيف يوفر قوت يومه و تعليم أبناءه لن يفكر فيمن يفكر بكيفية توفيرها. إن مخرجات هذه اللقاءات هي مخرجات طبقية في المقام الأول و تعبير عن أجندات سياسية إقليمية و دولية في المقام الثاني.
أين التجليات الإجتماعية لحراك هذه النخب؟ أين البرنامج المرحلي لها ؟ أين الموقف من حالة الانهيار التي يواجهه قطاع التعليم في بلدنا؟ أين الموقف من حالة الفوضى و الفلتان و التوهان التي يعاني منها الكثير الكثير من شبابنا؟ أين الموقف من حالة العنف المجتمعي التي استشرت في كل مكان؟ أين البرنامج الاقتصادي لهذا الحراك؟ أين الموقف من حالة التخبط الإداري في مؤسسات الدولة؟ أين الموقف من أزمة المياه الخانقه؟ أين الموقف من تدني حالة الخدمات الصحية؟ أين الموقف من أزمة الطاقة التي تعاني منها البلد؟ أين الموقف من إغراق المنتوجات الإسرائيلية للأسواق الأردنية؟ أين الموقف من صحة و سلامة الغذاء و الدواء؟ أين الموقف من ثقافة عدم تحمل المسؤولية السائدة في مجتمعنا؟ أين الموقف من الزعران الذين يملؤن الشوارع و الطرقات؟ أين الموقف من تعزيز ثقافة الحوار بين مكونات المجتمع؟ أين الموقف من وضع التعليم العالي في جامعاتنا؟
لقد خلطتم الأولويات و قدمتم أولوياتكم على حساب أولويات الشعب. إن أولويات الشعب المعيشية أهم بكثير من أولوياتكم السياسية.

المهندس عمر أبو دوله