الحضن الدافئ


أعلم بأن الطقس صيفيا ، ولا يوجد هناك برد ، وأعلم بأن الصوبات ملفوفة جيدا ومخبأة لموعد قريب ، وأعلم بأن الجو غير مناسب للكتابة عن ليالي البرد القارص والشتاء . ولكني سأكتب .
زمان لم يكن لدينا سوى "صوبة" واحدة تجتمع حولها العائلة في ليالي الشتاء القارصة ملمومة على نفسها لتسرق من دفئها قدرا يروي عظاما نخرها البرد وقشعريرة تولدت من جراء ملامسة حبات المطر التي نسمعها في الخارج للأرض .
كانت العائلة جميعها تصنع حلقة حول مصدر دفئها الوحيد "صوبة الفوجيكا" ، أما أنا فقد كان لي مصدر دفء آخر هو حضن أبي .
كنت كلما شعرت بالبرد ، أهرب الى حضن أبي فأجده يشع دفئا ، فيقوم والدي بدوره بلفي " بالحرام " فيزيدني الأمر دفئا يغنيني عن كل " الصوبات " .
ذات مرة تعرضت "الصوبة الوحيدة" للعطل ، كل العائلة وقتها تجمدت إلا أنا ، فحضن والدي لا يخرب ولا يعطل ، وقتها كنت مدار غبطة وحسد معا لأفراد العائلة ، كوني الوحيد وقتها الذي كان يتمتع بقدر كبير من الدفء الناشئ من حضن والدي . بصراحة البعض كان يود خنقي ، فخباثتي وقتها جعلتني أنظر اليهم من تحت الحرام واقهرهم بعبارات مصحوبة بالضحك من شاكلة " أووف والله الواحد مشوب ... فقعنا من هالحم " .
حضن والدي كان دفئي وكان ملاذي ، كان عرين الأسد الذي لا يقوى أحد من أفراد العائلة الاقتراب منه للقصاص مني ، ومصدر قوتي والمكان الوحيد الذي أشعر فيه بالأمن والأمان والاطمئنان .
قد يقول البعض لماذا كتبت عن البرد والشتاء والصوبات ؟
أنا لم أرد الكتابة عن البرد ولست مهتم كثيرا بالصوبات ... ولكني أردت الكتابة عن الحضن الدافئ والملاذ الاخير .
سيدي جلالة الملك ... عندما قررت تجميد رفع أسعار المشتقات النفطية ...
ذكرتني بالحضن الدافئ .... أساسا أنت حضننا الدافئ ...
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com