قطار الانتخابات التي ستجري نهاية العام الجاري غادر محطته في طريقه الى الاستحقاق النيابي الكبير الذي سيكون علامة فارقة ونوعية وتتويجاً لمسيرة الاصلاح الشامل التي انطلقت بثقة وارادة سياسية واعية وحازمة تقرأ جيداً المتغيرات الداخلية والاقليمية وتتعاطى مع الامور بايجابية ونظرة بعيدة الى المستقبل ورهان على وعي الأردنيين وقدرتهم على الانجاز والابداع والتصدي للتحديات التي تواجهنا وتجاوزها بل وتحويلها الى فرص للنهوض ببلدنا وشعبنا في مختلف المجالات..
الاعداد المتزايدة للمسجلين والحاصلين على البطاقة الانتخابية تؤكد رغبة الاردنيين باجراء الانتخابات ولهذا فإن الهيئة المستقلة للانتخاب قد اوشكت المدة المقررة للتسجيل على الانتهاء في صدد تمديد المهلة الى قبل نهاية الشهر الجاري وتسهيلاً للتسجيل والافساح في المجال امام المواطنين الذين حالت ظروفهم دون التسجيل في الفترة الاولى على نحو يُظهر للجميع ان رهان الذين يرفعون اصواتهم ويتدثرون بالشعارات الفارغة والمزايدات خالية المضمون انما هو رهان خاسر يحسن هؤلاء لانفسهم ولوطنهم لو انهم تخلوا عن اوهامهم وانخرطوا في العملية الانتخابية بكل ما تنطوي عليه من فرص وتطوير للعملية الديمقراطية ومشاركة واسعة للمواطنين في عملية صنع القرار ودائما في اعتماد قواعد اللعبة الديمقراطية التي تتيح للقوى السياسية ان تطرح وتدافع عن ارائها ومواقفها داخل المؤسسات الشرعية والطبيعية وليس عبر الشارع او اعتماد اساليب التهييج والتحريض وادعاء الحكمة واحتكار الوطنية والحقيقة..
بامكان الذين يمتهنون رفع الشعارات واصدار البيانات واعلاء الصوت ان يتعلموا أبسط قواعد الديمقراطية وان يكونوا اكثر انسجاماً مع انفسهم وشعاراتهم وان يردوا على الحقائق والارقام والمعطيات بمثلها وان يطرحوا البرامج والحلول وليس مواصلة اطلاق الشعارات والجلوس على الحائط متفرجين.
مسيرة الاصلاح انطلقت ولا رجعة عنها او نكوص بل ان ما تم انجازه من قوانين يشكل ضمانة كافية واكيدة باننا سنحقق الاهداف النبيلة التي انطوت عليها هذه القوانين سواء في ما خص التعديلات الدستورية والقوانين التي اقرت حول المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب والاحزاب وقانون الانتخاب الذي ادخل عليه تعديل جوهري بعد ان رده جلالة الملك لمجلس النواب حيث اصبح عدد مقاعد القائمة الوطنية 27 مقعدا بعد ان كانت في القانون الذي اقره مجلس الامة 17 مقعداً.
آن الأوان لأن يدرك المقاطعون انهم لا يشكلون اغلبية ولا حتى اقلية وازنة وان مقاطعتهم لن تعرقل مسيرة الاصلاح او تؤخر الاستحقاق النيابي بقدر ما تثير الاسى على اعتماد هؤلاء خيارا سلبيا بدل المواجهة الميدانية واختيار التنافس الديمقراطي ولغة البرامج والنزول الى الشارع واستمالة الناخبين وسيلة لتمرير برامجهم او العمل داخل المؤسسات الشرعية لاقناع اغلبية داخل مجلس النواب كي تتبنى وجهة نظرهم وتعمل على قوننتها وهنا يمكن القول ان الديمقراطية قد اخذت طريقها الى الجميع وبالجميع..
الأصل في العمل السياسي هو المشاركة والمقاطعة اشارة ضعف وافلاس اكثر منها تعبير عن قوة او حتى مجرد استعراض عضلات بلا قواعد واسس حقيقية.