قصة اسمها الارتفاع

إذنْ ..فجأة ..و المواطن متمدد على ظهره ..يحاول أن يأخذ غفوة من تعب ما يدور حوله ..وفي لحظة استسلامه الكامل و تسبيل عينيه ؛ يأتيه من يطرق رأسه بحجر كبير :» قومْ وَلَكْ» ..! يصحو المواطن مفزوعاً غارقاً ببعض دمه : شو في يا جماعة ..؟؟ يضحكون و هم يرقصون حوله : ارتفع البنزين ..ها ها ها ها ها ..! ينظر إليهم بعينين دامعتين ..و يجول ببصره في المكان بأسى و ارتجاف : ارتفاع ..؟! . يلطش نفسه كفّين ..! يقولون له : لا تلطش ولا على بالك ..لستَ في حُلم ؛ هذا واقع و حقيقة يا حبيب أمك ..! يضحكون و يرقصون و يغنون تاركين المواطن لا يلوي على شيء إلا من فعل دموعه و تصاعد وتيرة التنفس في صدره وحشرجات لم تُعرف نهايتها للآن ..!

أولاد المواطن ..و أقرباؤه ..و جيرانه ..يطرقون عليه الباب ..طرقوا ألف مرّة : خلص افتح الباب يا مواطن ..مشان الله يا بابا استسلم لقدرك ..خلص إللي صار صار ..يا زلمة فكّها عاد ..خلص ما باليد حيلة ..!! ولا حياة لمن تنادي ..وهو في غرفته يبكي و يعلو تنفسه و تكثر حشرجاته ..!

سأله أحدهم : ماذا ستستفيد من حبس نفسك ..الأمور انتهت ..؟ أخيراً جاء صوت المواطن من داخل الغرفة ..فرح الجميع و نطنط أولاده كالقرود ..: سأفتح الباب و أخرج للحياة إذا أجبتموني عن هذا السؤال فقط و أريد جواباً شافياً وواقعياً : ليش لما الحكومات ترفع الأسعار في نفس الثانية و نفس الدقيقة يكون أثرها على المواطن مباشرة ..و عندما تعمل الحكومات خطة طويلة عريضة لخفض الأسعار لا يصل تأثيرها إلى المواطن بلمرة..؟؟ قالوا له : إيـش ..؟؟!! وبصوت واحد قالوا له أيضاً : خليك ملطوع جوّة يجعلك ما طلعت ..!