عن الرفع


عندما نكتب يقرأوننا على أننا معارضين ، أحيانا يدرجوننا في قائمة الحساد والمكيودين ، أحسن أحوال تقيمنا أن يظنوننا أعداء النجاح والمسيرة .

فليقرأوننا كيفما شاؤا فسنبقى نكتب حتى لو جف الحبر وخلصت الأوراق ، سنجعل الدم مدادا ونكتب وقتها على الصدور والجدران وجذوع الشجر وأوراقها .

عندما نكتب لا نكتب من فراغ ، نحن نكتب من وحل الواقع وحشرجة الكبت ، وأنين الحال ، نكتب عن الوجع ونرسم الألم ونخط بأحلامنا المكسورة أملا لن يأتي ، ونبني جدارا استناديا لنظرة مكسورة ستبقى مكسورة .

قد نخطئ أحيانا في الكلمات ونتناسى التشكيل والحركات إلا السكون ، فما زلنا لها ذاكرين ولكني أخاف مع غمرة الرفع والجر أن ننساها أيضا .

نكتب ، وكل كتاباتنا مغموسة بحروف العلة ، وممزوجة بالشدة ، وحروف النصب تسبق دائما كان وأخواتها لدينا ، فالحياة لدينا لم تعد حياة بل شبه جملة اسمية .

سنكتب ، بخط القهر المجرور بالصبر ، وسنتاسى باقي الخطوط ، فالخط الكوفي بات بعد علي بن أبي طالب أطلالا للرشد ، وسننسى النسخ ، فقد نسخنا قصة ليلى والذئب في درس اللغة العربية مائة مرة ، وفي كل مرة يأكل الذئب ليلى وجدتها معا
اتعبنا وقتها الذئب فكل ما حاولت النسخ من جديد عله يستكين ، عله يخجل ، عله يرحم ، أجده ينهكني أكثر في مقطع الانقضاض على ليلى وجدتها معا .

سيقولون أكتب بخط الثلث إذن ، لكن ... هل بقي لنا شيء كي نطمح للثلث ؟!

أما الرقعة فلتعلموا بأنها لم تعد كافيا لرقع الجرح والستيرة .

سنكتب .. بخط القهر المجرور بالصبر ، وخط الفقر المحتوم بالبحر اليتيم والمنهوك والمشطور .

سنكتب عن رفع المشتقات النفطية ، فإعرابها لم يعد جمع مذكر سالم بل أنه جمع تكسير .

المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com