أسباب موضوعية لتباطؤ التسجيل في الانتخابات النيابية

مهمة انجاح عمليات التسجيل للانتخابات النيابية المقبلة، واعداد كشوفات نظيفة كأساس لها ليست محصورة بدوائر الاحوال المدنية، وعدد من الموظفين المنتدبين من بعض الدوائر الاخرى، والذين غالبا ما تنقصهم الخبرة، والكفاءة، والتأهيل الكافي لانجاح هذه المهمة ، وهو ما انعكس فعليا بانخفاض نسب التسجيل، وعزوف الاردنيين عنه الى هذه اللحظة. وانما هي عملية جماعية تخص الدولة الاردنية بكافة مؤسساتها، وليس من الموضوعية ان تخلي وزارة الداخلية مسؤولياتها سوى من مكاتب الاحوال المدنية، وان ينفض الحكام الاداريون ايديهم عنها بحيث لا يكون لهم ادنى دور في تشجيع عمليات التسجيل، وحشد الوجهاء الاجتماعيين في حض ابناء قراهم، ومحافظاتهم للمبادرة بالتسجيل. ومن ثم تتقلص الخدمات ، والحوافز الممنوحة للموظفين العاملين يوميا من الساعة الثامنة صباحا حتى السابعة مساء الى درجة عدم تأمينهم بمواصلات، او حتى بوجبات طعام، وخاصة في المراكز العاملة في القرى، والتي ينعدم فيها وجود المطاعم ؛ ما وضع العاملين امام تحديات بطء الانجاز، وهم الذين ايضا لم تراع اهمية اخضاعهم لدورات مسبقة للتعامل مع الاجهزة لتسريع عملية طباعة البطاقة الانتخابية الجديدة. وهذا ادى الى الطلب من مراجعي مراكز الحصول على البطاقة الانتخابية ان يتركوا هويات الاحوال المدنية في المركز، والعودة في اليوم التالي للحصول على البطاقات الانتخابية، ومع قصر مراجعة المراكز على اقرباء الدرجة الاولى، وعلى ذلك فقد عزفت فئة كبيرة من المواطنين نظريا تبعا للتعقيدات العملية المنوطة بالحصول على البطاقة، ومع تداول المعلومات حول تعقيدات الحصول عليها في غالبية المراكز، والطوابير المتشكلة فيها.

وكذلك عانت مراكز منح البطاقات من نقص الاجهزة، والطابعات المخصصة لاستخراج البطاقات الانتخابية، وتكدست طلبات الحصول عليها عند الطابعة الواحدة، وهذا ايضا يدلل على عدم وجود تصور منهجي مسبق لسير هذه العملية التي اعطي لها فقط مدة شهر ترافقت مع الاواخر من شهر رمضان المبارك، وايام الاعياد، وعدم حل مجلس النواب، وبدء حملات النواب المحتملين، وبدا عمليا ان الطاقة الاستيعابية القصوى لعمل هذه المراكز لا تزيد عن 50 الف بطاقة يوميا في حين ان الاصوات التي يحق لها الحصول على البطاقة تقترب من اربعة ملايين صوت ، وهي محصورة بمدة شهر واحد، وهو ما يؤكد نقص الخبرة فيمن اعد خطة منح البطاقات الانتخابية ، واعداد كشوفات جديدة ، وقد تقاطعت المعيقات مع دعوات القوى السياسية للمقاطعة ؛ما قد يظهر ان الناخب الاردني فعلا تجاوب مع دعواتها ، وقد يكون الامر مجرد سوء تقدير لكيفيات العمل اللازمة لانجاح الخطوات الاولى التي تسبق العملية الانتخابية.

وعدم الجدية في انجاح عمل الهيئة المستقلة للانتخابات يطرح التساؤول حول وجود جهات قد تنازعها على الصلاحيات مستقبلا، وهل الدولة تعمل كجهة واحدة، أو ان البعض سعى لاخلاء مسؤوليته، وترك مكاتب الاحوال المدنية في حالة معاناة الى درجة ان موظفيها لا يجدون ما يسدون به رمقهم بالنظر الى طول مدة دوامهم يوميا، وبعدهم عن بيوتهم، ويفتقرون الى مواصلات تحملهم اليها بعد يوم عمل شاق امتد حتى السابعة مساء، ولوكانت مكاتب الحكام الاداريين مشاركة فهل كانت الخدمات المقدمة للموظفين بهذا المستوى؟.

لا نريد ان تفشل مهمة الهيئة المستقلة منذ بواكير عملها، والاصرار على عدم دفع الناس نحو التسجيل ، او الامتناع عنه قد ينطوي على قبول شعبي باستمرار مجلس النواب الحالي، وعدم وجود حاجة لاجراء انتخابات جديدة. والتسجيل لا يعني المشاركة في التصويت ، فخيار المشاركة من عدمها منوط بالموقف على صندوق الاقتراع، وليس في كشوف الناخبين التي تسعى الهيئة كما يبدو لاعدادها بطريقة لا تشوبها شائبة.