«الدولة» أو «الإخوان»!

لن ينجح الإخوان المسلمون و»شراشب خرجهم» في معركة إفشال التسجيل للإنتخابات النيابية فقدرتهم ليست بهذا المستوى الذي يروجون له وشعبيتهم تدنت كثيراً عما كانت عليه في سنوات سابقة، قبل الربيع العربي، والأردنيون من المؤكد أنه إذا كان لابد من الفرز والإصطفاف بين هؤلاء والدولة الأردنية فإنهم بالتأكيد سيصطفون الى جانب دولتهم بغض النظر عما لهم من ملاحظات على بعض الأداء الحكومي وهي ملاحظات محقة وكثيرة.

عندما ينحصر الخيار بين حزب منغلقٍ على محازبيه وأعضائه ولم يكن يوظف في جمعية المركز الإسلامي المعروفة إلاّ أعضاءه وأقاربهم وبين الدولة الأردنية التي هي للجميع والتي هي خيمة الشعب الأردني كله حتى بما في ذلك هؤلاء فإن ما لا نقاش فيه إطلاقاً هو ان الإنحياز لن يكون إلاّ لهذه الدولة التي ثبَّتت أركانها على مدى اقترب من قرن باكمله، وحتى في سنوات العسرة واهتزاز المعادلات، بكفاح الآباء والأجداد الذين كانوا يحفرون الصخر بأظافرهم.

إن هذه المسألة مسألة وطنية لا يجوز إخضاعها للمناورات والألاعيب الحزبية وبخاصة وأن هدف الإخوان المسلمين ليس الإصلاح، إذْ أنَّهم هم أنفسهم بحاجة إلى ألف مصلح ومصلح، ولا إجراء انتخابات نظيفة فقد كانوا شاركوا في انتخابات كلها أجريت وفقاً لقوانين مؤقتة وبعضها، عام 1993، على أساس الصوت الواحد بل لتدمير هيبة الدولة وإملاء مواقفهم كحزب سياسي عليها وإظهار أن القرار في هذا البلد هو قرارهم هم وليس لا قرار الشعب الأردني ولا قرار هذه الدولة الأردنية.

وهنا فإن المؤكد أن الأردنيين، الذين لم تعد تنطلي عليهم الألاعيب والمناورات الحزبية والذين لم يعد من الممكن ان يمرر الإخوان المسلمون عليهم تهويل الأمور وتضخيمها، يعرفون أن هدف هؤلاء وهم يقومون بهذه الحملات الظالمة ضد التسجيل للإنتخابات النيابية هو إظهار هذا البلد، بكل شعبه، وكأنه غدا إقطاعية لهم لا صوت فيها إلا صوتهم ولا قرار إلاّ قرارهم ولا إرادة إلاّ إرادتهم ولذلك فإنهم يواصلون التهديد والوعيد ويواصلون التلويح بـ»العصيان المدني» الذي من المفترض أن التلويح به يشكل جريمة وطنية تعاقب عليها القوانين النافذة.

ويقيناً إن هؤلاء لا يمكن أن يشاركوا الآن وفي هذه المرحلة في أي انتخابات نيابية حتى وإن هي أجريت وفقاً لقانون الانتخابات السويسري أو الفرنسي فهم يعرفون أن شعبيتهم غدت ضحلة جداً وانهم إن هُمْ خاضوا هذه المعركة الانتخابية وهي أول معركة لهم بعد انتصارات «إخوانهم» في مصر فإنهم سيخذلون هؤلاء الأخوة وإنهم سيكشفون «طبَّتهم» ولذلك فإنهم قد لجأوا ومعهم «شراشب خرجهم» الى شن هذه الحرب التهويلية على التسجيل للإنتخابات في محاولة لتجيير أي استنكاف شعبي لمصلحتهم ولإظهار أنهم فوق هذه الدولة وأن قراراتهم فوق قراراتها وأنهم أصبحوا الآمر الناهي في هذا البلد متكئين على انتصارات في مصر هي ليست إنتصاراتهم في كل الأحوال!!

ولهذا ومرة أخرى فإن خيار الشعب الأردني، وقد اتخذ التحدي طابع إما مع الحزب أو مع الدولة، هو مع دولته وأن ولاء هذا الشعب هو للدولة الأردنية وليس للإخوان المسلمين الذين يعرف الجميع أن ولاءهم الأول، التنظيمي والسياسي وكل شيء، هو للتنظيم العالمي وللمرشد الأعلى في القاهرة... وعلى ما يبدو أيضاً للرئيس محمد مرسي الذي حتى تشكيل وفده الإقتصادي الى بكين في زيارته الأخيرة قد تم على أساس العلاقة الحزبية «الإخوانية» وليس على أساس العلاقة الوطنية المصرية.