فيصل البطاينة يكتب : و ظلم ذوي القربى أشد مضاضة

منذ سايكس بيكو عندما قسمت بلاد الشام إلى دويلات, كان يعرف المستعمرون آنذاك أن احداها وهي الأردن سيكون له دور في تغيير الخارطة السياسية للوطن العربي في المستقبل. ويبدو أن المستقبل قد دنا وأن الدور بدأت تضح معالمه.
عندما تأسست امارة شرقي الأردن كانت بلادنا ملاذاً للأحرار العرب وفي مقدمتهم الاستقاليين السوريين , فلجأ إبراهيم هنانو وسلطان الأطرش ومحمد الأشمر وغيرهم من الرجالات السورية واللبنانية والفلسطينية إلى الأردن لتكون ملاذاً لهم, إلى أن أصبحت الأردن تسمى بملاذ الأحرار تارة وموطن التهجير القسري تارة أخرى.
مساحة أرضية ضيقة, بدون مقومات اقتصادية كانت الإماره و أسست بقصد اعتمادها على المساعدات والمعونات الأجنبية أولاً والعربية مستقبلاً, إلى أن أصبحت المعونات العربية مرهونه بأوامر الأجنبي التي يلقيها على القادة العرب ويرفقها باستحقاقات مطلوبة من الأردن حين يمنحها و نذعن لها مثلما يجري هذه الايام .
وعودة للموضوع, ومع تذكرنا لعشرات المليارات التي دخلت على بلادنا منذ الثمانينات في القرن الماضي ومعظمها من الأشقاء فلا بد لنا من التساؤل عن هذه المليارات أين وكيف طارت وطيرت معها عشرين مليار تقريباً هي اليوم ديناً على رقاب الشعب والحبل على الجرار، تلك الرقاب الأردنية التي يجب أن يقابل جمائلها الأخوة العرب بالشكر والعرفان لا بالتشفي والابتزاز.
الخليجيون يعرفون من الذي بنى جيوشهم و دولهم و مؤسساتهم , ومن الذي حمى حدودهم من الآفات الاجتماعية والتسلل الصهيوني لاراضيهم في عراق التاريخ وفي قطر التي تقود قيادات الأمة في هذه الأيام باعتبارها الحارس الأمين على الثروة القومية والمسند لها الدور القيادي من الأسياد في البنتاغون.
الأردنيون قدموا فلذات أكبادهم من جنودهم البواسل مبكرين منذ أيام ثورة رشيد عالي الكيلاني وقبلها ثورة القسام, وبعدها حرب 1948 مع الصهاينة, وبعدها أيضاً أيام عبد الكريم قاسم حماية للكويت وكذلك من بعثوا بهم إلى اليمن أيام الصراع السعودي المصري عند اسقاط عائله حميد الدين, ومن ثم في حزيران الأسود وحرب الكرامة الأبيض إلى أن فتحوا بيوتهم عند حرب الخليج الأولى و الثانية يوم احتلال العراق في بداية هذا القرن, وبالأمس يوم بعثوا فلذات أكبادهم إلى البحرين وليبيا, واليوم فتحوا بيوتهم لاخوانهم الليبيين والسوريين كذلك. والعرب حكومات وشعوب يعلمون أن ثرواتنا الطبيعية لا شيء, ومثلها امكاناتنا الاقتصادية ، ولا نبالغ إن قلنا أن مياه الشرب في طريقها لأن تنضب.
وخلاصة القول وحسب المنظور والمعطيات فإن المؤامرة الصهيونية الأمريكية على فلسطين تكشفت خيوطها الأخيرة بأنها تستهدف الأردن ليكون ثمناً بخساً لتصفية القضية الفلسطينية لعى حساب الحقوق المشروعه للشعبين الفلسطيني والأردني.
وهكذا فإن الأحلام الصهيونية تتلخص بطرد ما تبقى من أهل فلسطين غرب النهر إلى شرقه, ليستقروا في ممر ضيق يوصلهم هم واشقاؤهم الأردنيون إلى الصحراء عند حدود النفط الخليجي. هذا لسنوات معدودة بعدها ان استمر الحال على ما هو عليه سيصيب اخواننا بالخليج ما أصاب الفلسطينيين ومن بعدهم الأردنيين.
وما يحز بالنفس وصفات البنك الدولي التي عادت تهدد شعبنا الأردني من جديد, كالوصفه المرفقة مع المليارين دولار من البنك الدولي لهذين العامين انقاذا للاقتصاد الأردني المتردي ومستلزمات ذلك من رفع الدعم الحكومي عن اي سلع اساسية ومضاعفة فواتير المياه والكهرباء على شعبنا الطيب بتخطيط امريكي صهيوني عربي وتنفيذ حكومي أردني على مرأى من الذين يتمتعون بالحراسة على الثروات القومية لصالح الأعداء وليس لصالح أصحابها الشرعيين من العرب جميعهم الذين يملكون الأرض العربية على الشيوع.
مما يجعلنا نتذكر قول الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند

والنفوس بطبيعتها تكره الظلم وتأباه فكيف إذا كان مصدر الظلم نفساً قريبةً لها؟ فإن ذلك يهيج نار الحزن والغضب بها و هو في وقعه أشد من وقع السيف الصقيل على الجسم.

حمى الله الأردن والأردنيون, وإن غداً لناظره قريب


بناء على طلب الكاتب نعتذر عن قبول التعليقات