للمرة الألف نعيد تأكيد معلومات اصبحت بديهية، ومهما حاولت الجهات المعنية فيها ممارسة الديماغوجية فانها مكشوفة للقاصي والداني في المرحلة الحالية، والتاريخ لن يرحم هؤلاء على سلوكهم السياسي البغيض.
مقاطعة الانتخابات من قبل جماعة الاخوان المسلمين، ولاحقا الموقف الضبابي للحزب الشيوعي، ليست لهما علاقة بقانون الانتخاب، ولا بالصوت الواحد، ولا ببطء الاصلاح، ولا بالحالة السياسية العامة في البلاد، المقاطعة سببها الانقسام الداخلي في الجماعة، وشعور بعضهم بالخروج من الحضن الدافئ للنظام الذي استمر اكثر من اربعين عاما، وهذا تاريخ لا ينكره الاخوان ذاتهم، ويتباهى قادتهم بمواقف الجماعة الإسلامية، في دعم الدولة في الخمسينيات عندما كانوا معادين لكل التوجهات اليسارية والقومية، وبموقف الاخوان في أحداث السبعينيات، وهبة نيسان، وفي التسعينيات وأحداث الخبز، وغيرها من المواقف التي لا تعد ولا تحصى.
لنلاحظ شيئا مركزيا أن الجماعة تمارس الحرد السياسي قبل قرار المقاطعة، فهي حردت عن المشاركة في لجنة الحوار الوطني، وحردت عن المشاركة في حكومة عون الخصاونة، مع ان الجماعة وحزبها وكل الاحزاب الاخرى يعرفون ان الحرد السياسي ليس فعلا سياسيا، وأن الاساس دائما المشاركة، لكن الحرد يتم (واعتذر للمرأة عن هذا التشبيه)، يتم من قبل المرأة وزوجها، وهو حرد بعدة اوجه، اكثرها دلعا ومحاولة تحسين شروط الجلوس في الحضن، والاسلاميون يريدون تعديل صيغة الجلوس في حضن النظام من جديد، حتى لو تغير الزمان، واصبح لاقرانهم في دول اخرى سلطة الحكم الاولى.
الهدف الحزبي الاول لاي تنظيم في الدنيا، هو المشاركة في العملية السياسية لتحقيق برامج الحزب من خلال الوصول الى السلطة، والاهم المشاركة في الاوقات الصعبة التي تمر بها البلاد، لا الحرد والمقاطعة حتى تتحقق شروطي.
تضخيم قوة تأثير قرار الاخوان في مقاطعة الانتخابات، على نسب التسجيل مبالغ فيه كثيرا ، فهناك من العوامل والاسباب الكثيرة لضعف الاقبال على التسجيل حتى الان، اقلها قرار الاخوان، فقوة حضورهم في الشارع، لا تتعدى 15 %، وظهر ذلك من خلال الانتخابات التي خاضوها في السنوات الأخيرة، وكذلك حجم إمكانياتهم في حشد المشاركين في المسيرات الاحتجاجية التي ينظمونها.
الحال الخلافي عند الحزب الشيوعي ليست افضل من الاخوان المسلمين، لهذا فإن قرار الحزب الشيوعي الاخير الذي اقرته اللجنة المركزية للحزب ولم يصل الى مقاطعة الانتخابات، بل الى " عدم المشاركة وعدم اعلان موقف حتى يتم تحديد موعد الانتخابات وإجراء تغيير على قانون الانتخاب" لا يختلف في اسبابه عن الاخوان، فخوفا من أن ينقسم الحزب لجأ الى خيار اقرب الى المقاطعة باعتبارها الاقل خسارة على الحزب، لكنها خسارة على البرامج والتاريخ السياسي للحزب، الذي يدعو منذ 60 عاما للمشاركة والقوائم الوطنية في قانون الانتخاب، لهذا لم يتجرأ حتى اليوم ورغم مضي اكثر من اسبوع على اتخاذ القرار بإعلانه رسميا في بيان سياسي ، وتم تسريبه لزميلتنا النشطة في "العرب اليوم" ربى كراسنة من قبل المهتمين باخراجه الى الاعلام، وكأن قيادة الحزب خجلة منه .