لم يعد مفهوما لدى الغالبية العظمى من الاردنيين لماذا تعزف جماعة الاخوان المسلمين في ظل الانقسامات والصراعات وحالات الولادة القيصرية لتيارات متتالية بين اجنحتها من حمائم وصقور والتي كان اخرها الكشف ومن مصدر اخواني عن تيار «كوكتيل» لا يؤمن بالمشاركة في الانتخابات القادمة حتى لو تم تعديل القانون الحالي ويشترط تعديلات دستورية تشمل المواد34و35و36 من الدستور والمتعلقة بصلاحيات جلالة الملك للمشاركة في الانتخابات ،ولم تكتف الجماعة بمقاطعة الانتخابات بل والتسجيل واوغلت بالحشد والتجييش ودعوة الاخرين من القوى السياسية الى المقاطعة ترشيحا وتسجيلا .
فالانتخاب والتسجيل حق دستوري يمارسه الاردنيون بمحض ارادتهم وقناعاتهم بانه واجب من واجبات المواطنة الحقة ومقاطعة الانتخابات موقف عديم الفائدة والجدوى السياسية والاجتماعية وتنكر لحق من حقوق المواطنة .وبعد الاعلان الاخواني الجديد يتضح ان الجماعة تتجه الى احتكار السلطات ومؤسسات الدولة كافة على غرار ما يفعلة الاخوان في مصر الشقيقة والسيطرة على مقدرات البلاد والعباد واخضاع المؤسسات كافة الى شريعتهم وبناء الاردن على مقاسات ثيابهم طالت ام قصرت.طبعا نعرف ان هذا حق من حقوق اي حزب او جماعة بان تحلم وتطمح في قانون يضمن لها فوز اكبر عدد من مرشحيهم وتبوؤ اكبر عدد من المقاعد في المجلس التشريعي ومن ثم في السلطة التنفيذية ولكن هذا الطموح على الصعيد الاردني مستحيل ومرفوض جماهيريا لجهة جماعة الاخوان المسلمين الذين اتضحت صورتهم في الشارع الاردني خلال العام والنصف الماضي من مسيراتهم واعتصاماتهم التي لم تؤت الا فقدهم المزيد من الجماهيرية والحاضنة الشعبية اللازمة لبقائهم .ولما كانت المشاركة والتصويت حقا دستوريا اكده جلالة الملك عبدالله الثاني في اكثر من مناسبة وفي المحافل الاقليمية والدولية والمقابلات الصحافية والتي كان اخرها مع شبكة بي بي اس الامريكية والتي اكد من خلالها قناعته في الاصلاح وضرورة مشاركة جميع مكونات المجتمع الاردني في الانتخابات القادمة فان من الواجب على الجميع الالتزام بالحقوق الدستورية والواجبات الوطنية والمشاركة الفاعلة في العرس الوطني القادم .واصرار جلالته بدعوة الجميع للمشاركة تأكيد على الارادة السياسية في المضي قدما في مسيرة الاصلاح و عمادها مجلس تشريعي قوي يضم كافة التيارات السياسية والاجتماعية والعشائرية وهو ما دفع بزيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية لتمكين غالبية القوى السياسية دخول البرلمان ويكون المجلس مسرحا للمنافسة بين الكتل النيابية لتعديل وتطوير القوانين ومنها القانون الحالي للانتخابات .
و يأتي رد الجماعة باصرارها على اقصاء نفسها عن مسرح المشاركة بوضع شروط لا يقبل بها الاردنيون، متناسين انهم ليسوا هم وحدهم من يمثل الشعب الاردني ولم يمنحوا هذا التفويض ، وان الشعب ليس اسيرا لاحلام الجماعة وهو وحده اختيار ممثليه .ولو كان الاخوان جادين في الاصلاح الذي ينادون به بالشوارع و همهم الاصلاح وتحقيق التحولات الديمقراطية فلماذا يصرون على الاقصاء والمناكفة؟ فهل هناك فرصة افضل للمضي قدما في الاصلاح من تلك التي ينادي بها جلالة الملك والمشاركة في مجلس تشريعي بعيدا عن الاوهام والشكوك .
الباب ما زال مفتوحا امام الجماعة لممارسة الانتخاب لتمكينهم بالتوافق مع التيارات والكتل الاخرى انجاز قانون توافقي في المجالس القادمة ،وامام اصرارهم بالمقاطعة نقول لهم بانكم تعملون على تقييد حق الناس في التصويت وكأنما تعيشون عصر ما بعد الحقيقة وان معارضتكم تشجيع للناخبين على التصويت ونرفض اسركم بعد ان تبين ابتعادكم عن مصالح الوطن واقترابكم اكثر من مصالحكم التنظيمية الخاصة والتبعية لاسيادكم في الخارج.