ماذا بعد اتهامات المعتوه "ليبرمان" ل"محمود عباس" بممارسة " إرهاب ديبلوماسي" ضد "إسرائيل" ..؟؟
محمد شريف الجيوسي اتهم وزير خارجية العدو الصهيوني ليبرمان، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بممارسة ما أسماه ( الإرهاب الديبلوماسي ) ضد ( إسرائيل ) . ولكن ما الذي يعنيه إطلاق هذا التصريح الوقح الجديد، في هذا الوقت بالذات ، والذي فيما اعلم يطلق كأول مرة أو يكاد على أي مسؤول .. بعدما كان الصهاينة يتمسحون بـ محمود عباس في عهد ياسر عرفات ويعتبرونه ودحلان ( بحسب الأخير) شريكان في السلام ، واكدوا ذلك مراراً فيما بعد تسلم عباس زمام منصبه . لقد قدم عباس ما لا يمكن ان يقدمه قائد فلسطيني أو سواه،على طريق تطمين الغرب والإسرائيليين برغبته الحقيقية في تحقيق السلام ؛ الضامن لأمن واستقرار الكيان الصهيوني في حدود ألـ 6 من حزيران سنة 1967 . الأمر الذي أدى إلى تحجيم حركة فتح في الشارع الفلسطيني ، وأسهم في صعود حركة حماس وفوزها بالتالي في الانتخابات التشريعية وبالتالي تشكيل حكومة فلسطينية . لقد لعبت ( إسرائيل ) دوراً مهماً في إضعاف حركة فتح فلسطينياً وعربياً ، وعباس بالتالي من خلال: 1 ـ تعطيل تنفيذ اتفاق أوسلو لجهة المماطلة في استكمال الانسحاب من المناطق التالية في الضفة والقطاع بنص الاتفاق .. 2 ـ تحميل ( وزر ) العمليات التفجيرية التي كانت تقوم بها حماس ـ للسلطة الفلسطينية بقيادة فتح وقتذاك، حيث قصفت مقرات السلطة وحاصرت عرفات في المقاطعة.رغم أن فتح كانت تحاذر تنفيذ عمليات تفجيرية وبخاصة في فلسطين المحتلة 1948 ، وبين المدنيين. 3 ـ التشهير بعباس من خلال القول أنه شريك " إسرائيل " في السلام الذي تستطيع التفاوض معه،لتحقيق ما تزعم أنه السلام ،سواء كان ذلك في عهد عرفات أو في السنوات التالية لرحيله. 4 ـ قوبلت المراهنات على تحقيق السلام في وقت كانت الطريق مفتوحة إليه عربياً (بعد مبادرة الأمير السعودي عبد الله بن عبد العزيز قبل 12 سنة ) وبخاصة بعد مجيء عباس بمزيد من الغطرسة الإسرائيلية والنفاق الغربي الأمركي .. بـ بناء جدار الفصل العنصري ـ بناء المزيد من المستعمرات الصهيونية ـ شطب أوسلو عملياً ـ تعظيم نهج المداهمات الليلية للمقاتلين الفلسطينيين السابقين داخل بيوتهم ـ أسر واعتقال حتى المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم نساء وأطفال ونواب منتخبون . تقييد انتقال الفلسطينيين بين الضفة والقطاع ـ اتباع سياسة إبعاد جديدة مبرمجة ـ تجريف ومصادرة الاراضي الزراعية بخاصة في الضفة ـ عرقلة تصدير المنتجات الزراعية والحرفية والصناعية عبر الأردن إليه وإلى الخارج ـ مصادرة أراضي ومنازل الفلسطينيين وبخاصة في القدس والنقب ـ تعظيم سياسة التنكيل والقمع والتمييز والرقابة تجاه فلسطينيي 1948 والتهديد بنزع المواطنة عنهم وطردهم . 5 ـ كوفيء عباس صاحب برنامج السلام بما سبق ، فيما كوفئت حركة حماس ( المتشددة ) وصاحبة العمليات التفجيرية بين المدنيين بالانسحاب من غزة .. الأمر الذي عظم شعبيتها في حينه . 6 ـ أدى برنامج عباس السلمي إلى عزلته في الأوساط الممانعة والمقاومة لبنانيا وفلسطينيا وعراقياً وفي سورية وإيران،دون ان يحظى بدعم حقيقي على الأرض من قبل(حلفائه) الطبيعيين المفترضين سواء لجهة الضغط على ( أصدقائهم وحلفائهم ) الأمريكان والغربيين والإسرائليين أو لجهة تقديم عناصر الصمود في وجه التعنت الإسرائيلي ، بينما كان صادقاً في الحيلولة دون إحراجهم. 7 ـ في المقابل تعاملت كل الأطراف العربية والإقليمية (المعتدلة والممانعة والمقاومة) مع حماس بكل اريحية: بدءاً من السعودية وقطر وتركيا وانتهاء بـ إيران وسورية والمقاومة اللبنانية ومعظم الأطراف الفسطينية. وحازت حماس على دعم مطلق من أطراف المقاومة والممانعة فيما لم تحز السلطة وفتح على مثله من قبل حلفائها . 8 ـ كل ما سبق أضعف فتح في السلم والحرب وعلى صعيد جبهتها الداخلية التنظيمية والفلسطينية،ما ولد قناعات أمريكية غربية صهيونية على أن حماس أكثر قدرة على تحقيق (سلام صهيوني ) من موقع قدرتها على فرضه في الشارع الفلسطيني والعربي والإقليمي . 9 ـ زاد من شعبية ومرغوبية حماس لدى أعدائها المفترضين، المشروع الشرق أوسطي في المنطقة العربية والإسلامية،الذي اقتضى إقامة تحالف أمريكي ـ إسلاموي، تم التوصل إليه مع مكتب الإرشاد العالمي للجماعة ومقره في المانيا الغربية،والذي يقتضي دعم وصول الإسلامويين وفي مقدمتهم الإخوان إلى الحكم في العديد من الدول العربية، وصولاً إلى استبدال التناقض الرئيس مع الكيان الصهيوني إلى صراع عربي ـ إيراني وصراع آخر فتنوي: سني ـ شيعي ..بحيث تقتتل المنطقة فيما بينها بالنيابة عن الأمريكان والصهاينة والغرب، استنزافاً وشروخاً نفسية وتدميراً للإقتصاد والبنى التحتية وتسييد ثقافة الكراهية بين مكونات المجتمعات العربية والإسلامية . 10 ـ ليس ما حدث من تحول ظاهر متصل بحركة حماس، هو وليد اللحظة (التاريخية ) الراهنة ومستجدات مستجدة !؟ وإنما هو دور قديم لعبته حماس بذكاء تآمري تحتي متميز، مستغلة الثقة المطلقة التي منحت لها في سورية وفي أوساط المقاومة ، فقدمت كل الدعم لخصوم النظام والدولة السورية في الداخل، تدريباً وتهريب اموال وسلاح ومقاتيلين وتسريب معلومات استراتيجية ، وتوليد بيئة حاضنة في المجتمع السوري لا يمكن الشك بها . حدث كل ذلك فيما كانت فتح مشتتة والسلطة أبعد ما تكون عن مواقع الدعم والتعاطف متعدد الوجوه لحماس بما فيه الدعم الدولي الشارعي الواسع.ولكي لا يتكرس الانفصال ألزمت السلطة نفسها بتقديم دعم شهري لغزة بنحو 38 مليون دينار شهرياً ، فيما حماس ليست ملزمة بتقديم شيء لمركز السلطة في رام الله ، وليست معنية بالطبع بتقديم نسبة مما يصلها من دعم . 11 ـ ولم تكتف واشنطن بنسج تحالف تآمري سفلي مع حماس للقدوم إلى الضفة الغربية بالتزامن تقريباً مع تسنم إخوان الأردن مواقع مؤثرة،في مقابل إنسحاب حماس بهذا الشكل العاق المشين من سورية وتقديم إخوان الأردن أقصى درجات الدعم والمظلة للسوريين الخارجين عن القانون المطلوبين للعدالة وتهيئتهم وغيرهم للإنضمام إلى العصابات الإرهابية المسلحة . 12 ـ لذلك فالمطلوب الآن أمريكياً وغربياً وصهيونياً إسقاط السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس، وقدوم حماس وليبراليين جدداً ملحقين بالبرنامج الأمريكي الواسع من فياض إلى عبد شيطانه إلى البرغوثي الذي تغري ثوروياته بالإعجاب الخ ، وهؤلاء قد يكونوا بدلاء حماس في مرحلة تالية ، هذا المجيء المتزامن لإخوان فلسطين والأردن في صفقة إسلاموية ثلاثية سورية أردنية فلسطينية مع الأمريكان تحقق في حال نجاحها الافتراضي التالي : أ ـ وضع الغالبية العظمى من الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات تحت مظلة واحدة إسلاموية حليفة ضابطة لحراكهم، بحيث تسمى الصواريخ الموجهة ضد العدو الصهيوني بعد أن أصبحت ذات قدرات متقدمة بـ ( صواريخ غير وطنية) بدلاً من عبثية عندما كانت محدودة العمق والتأثير ( فُتيش ). ب ـ إراحة العدو الصهيوني عبر هدنة طويلة تمتد 25 سنة تريح(إسرائيل )وتمنح الإسلامويين فرصة مناسبة لإستئثار طويل في الحكم دون الآخرين من نسيج المجتمع الأردني والفلسطيني . ت ـ وعبر وجود(الشيء) ذاته على ضفتي النهر( إخوان الأردن فلسطين )سيصبح الوطن البديل أمراً واقعاً بالتلازم مع الهدنة الطويلة . ث ـ وضع الأردن في وضع فتنة داخلية ، باستغلال وضعه الراهن ووجود طرفي معادلة يغذيها الأمريكان، بالتناقض حيث يقال للشرق أردنيين أن هؤلاء (الذين باعوا وطنهم وتخلوا عنه) والذين لا يجيدون غير طبخ الملوخية!؟ يريدون ان يجعلوا منكم في وطنكم هنوداً حمراً. فيما يقال لغرب أردنيين الذين أصبحوا وما سلم من معظم وطنهم شركاء في واقع وحدوي جديد استمر 19 عاماً ( قبل هزيمة 1967 ) وفتنة أيلول 1970 وفك الارتباط 1988..يقال لهم أنتم ذوي حقوق منقوصة من حقكم الحصول على 67% من مجمل مقاعد مجلس النواب ومن الحكومة بنسبة عدد السكان. ويزود الأمريكان الأطراف بكل أسباب الاختلاف ، ما يحتمل في حال نجاح المخطط إلى وقوع ما لا يتمناه عربي أو مؤمن أو وطني أو متحضر.والمهم من وجهة الغرب،أن تكون (إسرائيل) الشيء الوحيد الآمن المستقر في المنطقة ( عين الإعصار ) . ج ـ تحريض الكل على الكل،حيث يرجح عدم توفر معطيات فتنة أهلية داخلية، وقتها لا بد تشديد ضغوط البنك وصندوق النقد الدولي على الحكومات الأردنية المتعاقبة لإتخاذ سياسات غير ملائمة شعبياً، لاستكمال ما تم من تخليص الأردن من أصوله ومواردة الاقتصادية بالخصخصة واتباع سياسات اقتصادية مدمرة، ومده بفتات مساعدات مخدرة لا تحقق نمواً اقتصاديا حقيقياً تنسجم مع احتياجاته ومقدراته .. والحيلولة دون استثمار حقيقي لثرواته. ومن جهة أخرى يحرّض الغرب مؤسسات مجتمع مدني، ومراكز دراسات تعمل معه لقاء فتات وقوى وليبراليين جداً ومحافظين وإسلامويين معاً على إرهاق النظام واستبداله بآخر .. وقبل أن يشتد ساعد القادم الجديد يكون قد تم تخريب كل شيء ، ما يزيد من تحكم الكيان الصهيوني على نحو أشد وفرض شروطه على المنطقة . إن تحقق البرنامج العدواني الأمريكي الصهيوني الغربي على الأردن وورثة السلطة الفلسطينية ( من إسلامويين وليبراليين أمريكان ..) أيسر حالاً من مؤامرتهم الكونية على سورية التي يستحيل نجاح مشروعهم الإمبريالي فيها لأسباب عديدة لا مجال للحديث فيها هنا . ولكن ما الذي يستوجبه كل ما سبق ، 1 ـ إعادة فتح والسلطة الفلسطينية والفصائل المنضوية في السلطة وغير المنضوية داخلها حاليا(عدا حماس)النظر في تحالفاتها الفلسطينية البينية..والفلسطينية تجاه المقاومة اللبنانية والأطراف اللبنانية غير الداخلة في تحالف الحريري..وتعزيزها مع حلفاء المقاومة وسورية . 2 ـ إعادة الأطراف الفلسطينية (التي تقيم تحالفات مع دول كالسعودية) تقييم هذه التحالفات ، وعدم المراهنة عليها ووضع كل البيوض في سلالها،فهي في نهاية التحليل لم تقدم للقضية الفلسطينية في السنوات ألـ 20 الأخيرة على الأقل غير المهانة والتراجع والسقوط . 3 ـ إعادة النظر في طبيعة التحالفات الهشة لبعض القوى الفلسطينية تجاه حلفاء حقيقيين كسورية وإيران والمقاومة اللبنانية وكوريا الديمقراطية وفنزويلا وروسيا والصين والهند والبرازيل وكوبا وجنوب إفريقيا الخ . 4 ـ إعادة قوى الممانعة والمقاومة النظر في نمط تحالفاتها السابق الذي راهن على مقاومة مرتهنة ضللت وباعت واشترت وأسهمت في حرف مسارات عن سكتها . وأخال أن مؤتمر قمة حركة دول عدم الإنحياز سيتيح آفاقاً واسعة لمستقبل القضية الفلسطينية والمنطقة العربية التي تشكل سورية الان عمادها الفقري ومربط خيلها وقلب الصراع والمصير. أقول أن تصريحات العنصري المعتوه ليبرمان تجاه أبو مازن، رغم كونه كذلك يثير السخرية والإشفاق على وصل إليه عالم اليوم من تردي مسؤولين يحملون ملفات صعبة بعقليات تعود إلى العصور الحجرية ، ليست تصريحات حمقاء فحسب ، فالحمقى يشعلون الحرائق أحياناً ، لكنهم لا يقدرون على إطفائها ولا توجيهها .. والحكم على نتائجها .. فهو لم يلق عصاه هكذا .. بل أوحي إليه بها شيطانياً ، وهي تأتي في سياق التمهيد للمرحلة التالية لـ حماس وحلفائها الليبرياليين ، ولكن ليس بالضرورة ان يتحقق المخط وان تحقق أن ينجح. وفي حال انفلات العقال،لن تكون قضية فلسطين بعد وقت كما هي عليه الآن من سوء .. هم يريدون الخلاص أيضاً من عباس وسلطة ربما وضعتهم في زاوية عندما جعلت بين أيديهم كل خيوط الحل .. دون جدوى ، ذلك أن فتح ليست فصيلاً بعمق أردني سوري مصري كما جماعة الإخوان الممتدة من المغرب حتى اندونيسيا وماليزيا ، وبالتالي لن تكون جزءاً من صفقة إقليمية دولية، تريحهم، وتفتح لهم آفاق حل بديل لضغط الديمغرافيا .. وفي جعبة حماس منطوقاً يبدو جميلاً طالما طرحته ، وفتح الكثيرون أفواههم حتى النواجذ حبورا،(ارض المهاجرين والأنصار) لكنه أخفى ويخفي كوارثاً أقلها،شعور بالغبن المتبادل وتقسيم الناس نفسياً ، ما يريح الصهاينة ويتيح أن تكون سفارة واشنطن مرجعية الجميع في عداء الجميع للجميع . أقول ختاماً،لعلها المرة الوحيدة التي يقول فيها مسؤول صهيوني( وان كان معتوهاً ) كلاماً يخدم عباس وربما ينصفه ويمسح كثيراً مما علق برؤيته لحل يحمل حداً ادنى؛ لم يستطع تحقيقه، كما أن غيره من القيادات الفلسطينية لم تستطع بعد تحقيق ما يدانيه أو يماثله او يفوقه. m.sh.jayousi@hotmail.co.uk