سلطة البسطة وسلطة الدولة ومسؤولية التقصير!

كيفما يكون، أضحت البسطات ذات سلطة وحضور، وهناك اشغالات مكثفة للشوارع من دون قانون، وهذه الإشغالات لا يقوم بها أصحاب البسطات، أو الباعة العاديون فقط، بل ثمة مطاعم ومرافق ومقاهٍ، تشغل الشوارع وتحدد لها مساحات خاصة تمنع الناس من إيقاف سياراتهم بها.

البسطات باتت عالما قائما بذاته، لها قانونها الذي يحكمها، ورجالها وقوتها التي تحميها، وقانونها الخاص الذي يخلق للبسطات رجلا يحكمها في عمان، ففي كل شارع هناك كبير للمبسطين، وفي حال غيابه لا بد من اشغال فراغ القوة الذي يتركه، وهذا هو الطرف المفوض والموجه لأي تحرك أو حالة غضب لذوي البسطات، وهم قادرون على التحرك وتحت اشارته.

البسطات اضحت في الشوارع قوة ولها عالمها الخاص وعاداتها ونداءاتها الخاصة التي تملأ الشوارع، وهي ما دامت لا تدفع رسوما أو تخضع لأحكام القانون تبقى نوعا من أنواع التمرد على سلطة الدولة والمدينة والبلدية.

الدولة اليوم باتت أمام سؤال مهم، وهو إما أن تسمح بانفلات السوق وتحت رعايتها أو لا، وفي مقابل هذا السؤال ربما يكون حساب رد الفعل على أي تحرك تجاه منع البسطات أو قوننة عملها وتنظيمه في صيغة سوق شعبي أو خلافه، وهناك دائما خيار حرق الإطارات أو إغلاق الشوارع. وهو ما يعبر عن أقصى حالات الاستخفاف بالقانون وهيبة الدولة.

في المقابل تحاول الدولة أرسال أكثر من رسالة، تجاه القائمين على أفعال الشغب والعنف، وهناك حملة أمنية تنفذ على مراحل، ولكن الحل العادل لاصحاب البسطات الذي يضمن لهم رزقا شريفا لم يولد بعد، واصحاب المحلات في الأسواق متضررون بشكل كبير، والمواطن يريد أن يشتري سلعا بالسعر الأقل من البسطات وهي غير محفوظة بطريقة سليمة وربما تكون منتهية الصلاحية.

اصاحب المحلات وهم من يدفعون رسوم الترخيص للبلديات أو امانة العاصمة، لا يرغبون بحل من طرفهم، لأن ذلك يعني المواجهة بين قوتين، قوة مرخصة بالقانون وتدفع الرسوم وتلتزم بشروط الترخيص، وقوة خارجة على ذلك كله.

في زاوية أخرى للهيمنة على الشارع هناك محلات مرخصة تصادر الشارع أيضا، وبخاصة تلك التي تمنع الناس من الوقوف أمامها، وهذه مخالفة صريحة للقانون، وهذه المحلات أضحت تستثمر بالمساحات القريبة منها وتأتي بشركات ومقاولين يتضمنون الشارع. فالمهم عندهم أن يأتي الزبون مهما كانت كلفة دخوله.

في أحياء عمان هناك تململ سكاني من هذه العادة، وهذه السيطرة التي يفرضها أصحاب المحلات، والمطاعم والمقاهي، وهي سيطرة تفرض حالة من الإزعاج والارباك، والأمر متعلق بأسس ترخيص المحلات من جهة الأمانة ايضا.

في المحصلة هناك فوضى في الأسواق ورغبة من الناس بتنظيم الأمور وايقاف التمرد، ويجب إنها حالة التردد في تطبيق القانون على المخالفين، والمضي في تطبيق القانون على الجميع، وعلى الأمن أن يأتي بكل من عليه أمر تنفيذ قضائي، فهناك من هم معروفون بأنهم محكومون وصدر بحقهم أمر تنفيذ، ونراهم يسافرون ويغادرون بلا ملمح من ملامح هيبة الدولة!!.