هل أجاب الوزير على كل الأسئلة؟

في الأخبار أن «أبو سياف» المعاني وهو صاحب سيرة يمكن العودة اليها قد أرسل أكثر من مائة مقاتل من جماعته الى سوريا ليحاربوا هناك..وأن زرعه قد أثمر حين عاد بعضهم قتيلاً ليدفن في معان باسم السلفيين الجهاديين تحت اسم جبهة نصرة أهل الشام..والاستعراض الذي أجراه التيار السلفي في معان جرى فيه سرد دور التيار وبطولاته في العراق وأفغانستان وسوريا..وقيل إنه وزعت الحلوى بعد الدفن وأثناء قبول التعازي ابتهالاً بالشهداء..

في الاستعراض كما روت جريدة الغد الأردنية عرض شريط فيديو لحمزة المعاني أحد الذين قتلوا قبل أربعة أشهر في درعا في عملية وصفها التيار السلفي بالاستشهادية عندما فجر نفسه على حاجز أمني فقتل (10) جنود من الجيش النظامي السوري كما في بلاغ التيار..وفي الاحتفال جرى الحض على «الجهاد» والقيت الكلمات وجرى الاستشهاد بكلام منظر التيار في جبهة الشمال عبد شحادة الطحاوي وسط عرض لصور شهداء التيار وضرورة نصرة أهل الشام والاستناد الى فتوى زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري الذي يعتمد أبو سياف فتاواه..

في هذه البيئة وبفاصل أيام قليلة وقع الاعتداء على مبنى للمخابرات العامة في مدينة معان وقد تعددت روايات الحادث وتنوعت مصادرها وحتى أهدافها وجرى تركيب سيناريوات وأحداث عليها في حين نزع البعض عنها ما يمكن ان يشير الى خطورتها ودوافعها..

انتظرت الأيام التي تلت مهرجان أبو سياف وقد توقعت ان تكون حبلى ..وقد جاء الحمل..فهل لهذا علاقة بما جرى من اطلاق رصاص أمام مبنى المخابرات في معان مساء أول أمس وأدى الى اصابة أحد أفراد الحراسات الامنية اصابة خطرة وآخر لا تعرف مدى خطورة اصابته..

الخطورة ليست في الاصابات وانما في استهداف المكان وتوقيته والسؤال..ولست هنا بصدد المزايدة على وزير الداخلية الذي أعرف عمق مهنيته ووطنيته وأقدر ضرورات اختياره لمفرداته..هل الحادث عرضي؟ وهذه مفردة تحتاج الى اعراب حتى لا تتحول في لفظها ودلالاتها الى معنى آخر نكون قد تأخرنا في فهمه..وهل الحادث من ثمار الاسلام السياسي أم الربيع الأردني؟ واذا كان أصحاب السوابق والمطلوبون هم الذين يشكلون مادة الحديث عن الهجوم أو العمل العرضي..فهل انتهى الأمر بتفريق المائتي متظاهر الذين ربط عملهم بمحاولة المساس بهيبة الدولة وسيادتها!!

الوزير الزعبي تحدث بلغة المحلل السياسي وليس بلغة وزير الداخلية حين يقع اعتداء على مؤسسة أمنية ذات مهام محددة..وجاء حديثه انسجاماً مع تراكم سلوكي وتفكيري واجرائي ساد الدولة منذ بداية الربيع الأردني وما زال..فهل سيظل هذا الدواء هو الكافي والشافي للخروج من الأزمة وتفاقماتها ومن كثرة المساس بهيبة الدولة وسيادتها؟..

وهل هذا الذي وقع حادث عرضي يمكن القفز عنه لاستقبال الهدوء والاستقرار ومواصلة الحياة العادية؟ أم أنه مؤشر لا بد أن ينعكس في لغة الوزير وتفكيره وفي لغة الحكومة وحتى الدولة وأجهزتها..لأن «الزايد اخو الناقص» واذا كان البعض يخشى الاجراءات الصارمة والقاسية التي تقود الى مضاعفات نخشاها في وقت التهاب المنطقة فإن البعض الاخر يخشى ضعف العلاج وعدم تناول الدواء ويبقى الاجتهاد أيهما اسلم..

الدخول الى الحسم مع هذه القوى التي تستشري في جسد الدولة فتضعفه وتنهكه وقد تودي به أم استمرار التعامل بنفس الاسلوب الذي يتحدث عنه الوزير الزعبي وما هي ضمانات نجاحه؟ هذا سؤال برسم الاجابة عليه حتى لا نقول قبل فوات الاوان وكفى الله المؤمنين القتال ونحسن الظن بالجميع ونضعهم في مرتبة واحدة..ويبقى السؤال الأخير..ماذا يقول أهل معان الذين لا بد من معرفة موقفهم أولاً وأخيراً وفي كل المراحل؟؟..