المطبخ الأمني

إن الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها البلاد منذ عملية الكمالية المشئومة، والتي كانت نقطة التحول باستحلال الدم بين القوات الأمنية، و المواطنين الخارجين على القانون في مختلف محافظات المملكة، أدت إلى نتائج سيئة انعكست على المواطن الأردني بانعكاسات سلبية في كل نواحي حياته اليومية، فالمواطن الأردني الآن فقد الثقة بالقوة الأمنية، وذلك لكون هذه القوة فقدت هيبتها بعد الزج فيها ببطولات كرتونية توافق أهواء قادتها، فجعلت من المتتبع لأخبار عملياتها اليومية يشعر بان قواتنا الأمنية أصبحت هدفا لمن رغب بالتظاهر من المواطنين، أو أن هذه القوات تتحرك عندما يريد احد المسئولين التسلية أو الترفيه عن نفسه، وإثارة الإعلام لنشر خبر عن بطولته وعبقريته الأمنية، ولو كان الثمن دماء الأبرياء وترويع المواطنين، بتنفيذ عمليات أمنية في مناطق سكنية من ضيقها ضائقة بأهلها.
نعم نحن من دعاة العقلانية في إدارة الشؤون الأمنية، والمحافظة على أرواح المواطنين، سواء كانوا من مرتبات الأجهزة الأمنية، أو ممن خرجوا على القانون من المدنيين، فمعيار التعامل مع الجميع محكوم بالقانون، الذي بدأ التطاول عليه من الجميع، مدفوعا بالتخبط الأمني للقيادات الأمنية، التي ترفع شعار المحافظة على الأمن، والإصرار على فرض هيبة الدولة، مستخدمه أساليب إثارة الفتن في صفوف المواطنين، بخطواتها وتحركاتها التي لا تحسب نتائجها سلفا، فلكي تحل مشكلة تجر علينا مصيبة، والإصرار على تغييب كل فنون ومهارات التعامل الأمني الاحترافي، الذي كانت تتمتع به هذه الأجهزة. 
فهاهي القوات الأمنية أنهت في الهاشمي الشمالي ما بدأته من عملية الكمالية، بالإجهاز على من بقي من فلول تلك العصابة الشريرة، كما تراجع واسماها بذلك مدير الأمن العام، قائد تلك المعركة المشهورة، فجر ذلك اليوم من رمضان، حسب ما ورد في مؤتمرة الصحفي المشهور، بعد ما تفلت في الإعلام خبر عن وصفها بالمجموعة الإرهابية، كخطأ في التقدير الميداني للواقعة، على حد ما ذكر عطوفة القائد الفذ المبجل.
قد تكون الفوضى استشرت في كل مكان، من وطننا الذي يعد المواطن والأمن هما رأس ماله، وكل ما بقي له، إلا أن من شجع على هذا الانفلات الأمني، هو أولا وأخرا الضعف في الإدارة الأمنية، التي تقدم لنا كل يوم دليلا على فشلها، فالمخابرات تتفاجأ بما يحدث، والأمن العام يخطئ في التقدير، والدرك يبالغ في التعبئة، والمواطن يتفلت من القبضة الأمنية، والنتيجة أحداث مؤسفة في كل مكان، فالأمن الذي توفره لنا أجهزتنا الأمنية، ثمنه ترويع المواطنين كل يوم، واللذين بفقدان أي من أفراد الأجهزة الأمنية أو المطلوبين الأمنيين يكونون هم الخاسرون، فلا تعجب إذا شهدت عزاءً يكون لرجل امن وأخوه المطلوب وشقيقهم المار عرضا مع الطريق، قضوا في عملية أمنية بطلها باشا، آن الأوان لرحيله، وليأخذ معه إخوته من باقي القيادات الأمنية، عسى ربنا أن يُبدلنا خيرا منهم.
kayedrkibat@gmail.com