المواطن الأردني...اقرأ ولا تعلق

ما أقرته حكومة فايز الطراونة على قانون المطبوعات من تعديلات، يعد تعديا سافرا وانتهاكا واضحا للحريات الإعلامية، ولحق التعبير المكفول في الدستور.
الحكومة وكبار المسؤولين (الحاليين والسابقين) هم من دفعوا باتجاه إقرار القانون، فالمواقع الإلكترونية باتت تؤرق مضاجعهم، وتفضح ما اعتقدوا انه مستور أو مسكوت عنه.
هذه المجابهة –بظني- معركة ستخسرها الحكومة حتى لو تم إقرار القانون، فمن يقرر مناطحة الإعلام ومقارعة الفضاء الالكتروني لن يذهب بعيدا عن مواجهات "دون كيشوت” مع طواحين الهواء.
أطرف ما في القانون وأخطره أن المشرع اعتبر تعليق المواطن على الخبر أو المقال، مادة صحفية تستحق المسائلة والعقوبة المغلظة.
إذن المواطن الأردني مسموح له أن يقرأ دون أن يتدخل أو يعلق، وإن أراد التعليق فليحذر وليتحسس ما تريده الحكومات، فيرضيها ولا يتجاوز على ذلك.
نعم التعليقات هي التي تثير غضب المسؤولين، وهي التي لا يطيقون قراءتها أو إطلاع الرأي العام عليها، فالنوم العام غاية المسؤول، وصحوة الوعي الشعبي أمر يخيفه ويجعله قلقا ويده على الزناد.
لكن ألا يدرك فايز الطراونة وسميح المعايطة (محامي دفاع القانون) أن هناك مليون ونص مواطن أردني لهم حسابات على "الفيس بوك” يعلقون ويقولون آراءهم كما يريدون، لا بل إنهم يتحاورون بكل شفافية ودون خوف.
الحكومة تظن أنها بقانونها تنهي حالة هي تريد إنهاءها بضربة موجعة تحت الحزام، لكنها ستتلقى في المقابل ضربات مماثلة، فالعالم الإلكتروني يملك اللعب من تحت الطاولة، وتجاوز القانون سهل عند مبدعي القرصنة، وعندها سيحتدم النقاش وتتفاقم الأزمة.
هذا القانون في جوهره العرفي لا يخرج في الحقيقة عن فلسفة ما جاءت به حكومة الطراونة لحظة تم استقدامها من مغارات التزمت المحافظ الاستبدادي (هيك مضبطة بدها هيك ختم).
ولكن يبقى السؤال: إلى أين تقودنا هذه العقلية؟ كيف يفكرون؟ كيف يقرؤوننا كمواطنين ونخب؟ كيف يقيّمون المرحلة وتداعياتها واستحقاقاتها؟
الحائط هو المكان الذي يعشقه فايز الطراونة، ويجمّله الإعلامي سميح المعايطة لنا، وكلاهما يقودنا إليه بأوامر عليا كما هو واضح، فنحن نعيش في عالم "الهروب من "الأسئلة العسيرة”.