اسامه الرنتيسي يكتب : وشومان مع "الوطن البديل" !

معزوفة لا تنتهي في الأردن، ولها مروجون أصواتهم عالية، وكتّابٌ لهم حضور عند نخب سياسية ، لكنها عقلية العاجز الذي يتكئ على خزعبلات حتى يدعم أوهامه.
فزاعة الوطن البديل في الأردن، ما إنْ يُغلق الحديث عنها فترة ، إلا ويُفتح على مصراعيه من قبل مَنْ لهم مصالح في ترديد هذه المعزوفة.
هل معقول أن يصل التفكير الى أن كل مَنْ لم يسجل في الانتخابات النيابية هو مع الوطن البديل؟ وهل من المعقول تحميل (رسالة، شكوى، مظلمة...) الى رأس الدولة الى مدخل للوطن البديل من دعاة الحقوق المنقوصة ؟ وهل معقول أن تصبح هذربات الشبيح اللبناني الأول وئام وهاب شهادة أمام بعضهم كي يدعموا فيها وجهات نظرهم بموضوع الوطن البديل؟
معزوفة الوطن البديل اختراع إسرائيلي بامتياز، وقد تكون بكفالة أمريكية ، أو تكون أيضا حلا موهوما في عقل سياسيين في كلتا الدولتين، لكن حتى لو اتفقت الإدارتان الإسرائيلية والأميركية معا على هذا الحل، ورفضه الفلسطينيون والأردنيون، فكيف سيتحقق ذلك؟
الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، ولا يغير هذا تقرير، ولا موقف بائس لأشخاص بائسين، وأتحدى أي شخص يعشق الحديث في هذه الفزاعة أن يجد فلسطينيا واحدا يمتلك الجرأة ويقول : إنه يقبل بأي وطن آخر بديل عن فلسطين، ولا أردنيا يقبل أن يكون الأردن وطنا بديلا لأحد.
لا أريد أن أكون قاسيا، لأقول إن أي حديث في هذه الفزاعات هو محاولات غير بريئة لقطع الطريق على أي برامج إصلاح، وتشتيت الجهود في قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع، وإذا قسوت اكثر أقول إن هذه معزوفات لا تخرج إلا من سكن داء الإقليمية والطائفية والقطرية عقولهم، ووئام وهاب الذي يقبل أن تحرق بيروت بأكملها من أجل عيون قرية سورية ليس بذاك القومجي الذي يعتد به ولا بآرائه.
وهاب الذي لم يترك مصطلحا غير أخلاقي إلا وألصقه بمعارضي النظام السوري، لا يمكن في لحظة أن يكون حديثه شاهدا على شبح الوطن البديل، ويستشهد به.
دعونا نغلق هذه البوابات التي يدخل من خلالها الشيطان، ونركز فعليا على المفيد في الإصلاح وقضاياه، لأنه ليس هناك من وصفة مطلقة للإصلاح الشامل في البلاد، والاجتهادات المفتوحة على مصاريعها مشروعة تماماً عندما تتقاطع وتتداخل في دائرة الوطن ومصالح الشعب، وليس هناك حراك منسوخ من بلد عربي نحو آخر، وعلينا أن نتذكر أنّ عامل الوحدة بين البلدان العربية غائب تماماً على جميع المستويات، منذ بدء تشكّل الدول العربية وبعد تقهقر الاستعمار. الحديث في بداية ومنتصف القرن العشرين، فقد كنّا نصفق كلما ازداد منسوب التنسيق والتعاون واللغة السلمية بين بلد عربي وآخر، أمّا الوحدة على أساس التكامل الاقتصادي والمصالح السيادية فهذا حلم بعيد متوفّر فقط في الأناشيد والأغاني العربية.
لا تستغربوا إذا خرج أحدهم في الأيام المقبلة وقال : إن استقالة شومان من البنك العربي هي في خدمة الوطن البديل.