لماذا يزداد الفقراء فقراً

اخبار البلد 
بقلم : د. فهد الفانك

أحد المشاكل المستعصية التي تواجه المجتمع الأردني وهي تحظى باهتمام الحكومات المتعاقبة التي تتعهد بمكافحة الفقر ، بل إن بعضها قام بإعداد خطط تفصيلية وجداول زمنية لمكافحة الفقر ولكن دون جدوى ، ذلك أن جيوب الفقر في المجتمع الأردني لم تتقلص وربما اتسعت.

في العالم مشكلة مماثلة لا تخلو منها البلدان الغنية والمتطورة التي تملك إمكانيات هائلة ، وهم يسمونها حالة التفاوت أو عدم المساواة ، ويجدون أنها في ازدياد ، فالأغنياء يزيدون غنىً والفقراء يزدادون عدداً وفقراً.

لدراسة هذه الظاهرة لا بد من ملاحظة أن الأمر لا يتوقف عند الفقر بمعناه الاقتصادي ، فهناك فروق ثقافية واقتصادية بين العائلات الغنية والعائلات الفقيرة. فأولاد الأغنياء يدرسون في مدارس أفضل ، ويحصلون على معلم خصوصي عند اللزوم ، ويتمتعون بظروف مواتية في بيوتهم ، كما أن أمهاتهم مثقفات ، ويبذلن جهداً في خدمة أبنائهن وتربيتهم وتوجيه سلوكهم.

بعبارة أخرى فإن أبناء الأغنياء مهيئون للنجاح في الحياة العملية بعد الحصول على التعليم في أفضل الجامعات ، في حين أن أبناء الفقراء مهيئون للقبول بالدرجة الدنيا من السلم الاجتماعي وليس أمامهم فرص كبيرة للتقدم.

لاحظ المراقبون أن حالة عدم المساواة في أميركا أكثر شدة وبروزاً منها في بعض الدول الأوروبية كالدنمارك والنرويج والسويد وألمانيا ، وتبين أن السبب يعود إلى توفير الحد الأدنى من المتطلبات في الدول الأوروبية ، مثل توفر الدراسة الجامعية بكلفة قليلة ، ووجود تأمين صحي شامل ، وفرض ضرائب عالية على الأثرياء. أي أن هناك محاولة لتقريب الظروف وتأمين فرص متكافئة.

في الأردن ظاهرة فقر معروفة ومحددة ، لا تنقصها الدراسات والمسوحات وتحديد الخصائص ، ونحن نطلق على جيوب الفقر اسم المناطق الأقل حظاً ، وهي تسمية توحي بقبول الظاهرة والاستسلام لها ما دامت مسألة حظ.

اعترض كثيرون على سياسـة التمييز الإيجابي لصالح الفئات الأقل حظاً ، وطالبوا بالمساواة بين الجميع من قبيل العدالة ، ولكن لا يخفى أن المساواة بين غير المتساوين ظلم.

السلم الاجتماعي في الأردن ليس مغلقاً تماماً ، فهناك فقراء صعدوا درجات السلم وانضموا إلى زمرة الأغنياء واعتبروا عصاميين. ولكن هذه حالات استثنائية لا يقاس عليها ، ويبدو أن الحاجز بين الأغنياء والفقراء يزداد صلابة ، وأن اختراقه يزداد صعوبة.