فكر حار و فضاء أحـر

".... إذ يجب أن نأخذ في اعتبارنا الملابسات الدولية التي قد تتيح لنا ظروفا مختلفة و غير متوقعة، يمكننا الاستفادة منها لتحقيق ما رسمناه من أمال...."
مالكـ بن نبي

لقد كان و يزال البشر يقيمون على حواف الطرق، و هذا ما جعل منهم بشرا، بحيث أنهم يبحثون عن اليقين، و يجهلون ما قد يصنع بهم بحر المستقبل، فعاش الإنسان بين الحروف كما عاش أجداده بين براكين الحروب، أين تعلم كيف يزاول مهنه بكل احترافية، و صال بين كلمات التاريخ، غير ملق لأحد الخواطر بالا، بينما كانت هي تحدق فيه بكل إعجاب.
فعلى الرغم من تنوع البشر أجناسا، ألوانا، و ألسنة، إلا أنهم تشاركوا نفس المخاوف من البدايات الأولى لبداية الوجود.
فتراهم تارة يهربون يمينا، و تــارة أخرى ينسحبون شمالا، و بين التارتين يضيع مسار الأهداف، على من أرادوا إهداء الحقيقة للملك الكئيب.
حتى أن الفرد أحيانا يشعر أنه غير موجود، أو أنه مات و أعدم قبل أن يوجد أصلا، مما يجعله يبكي على فراق الحرية و الحقيقة، فلا ينفعه بكاؤه كثيرا، و لا يقدم له الأمر اليسير، فحتى و لو كان الكذب صادقا، فإنه لا يجوز للفرد أن يكذب، و يدافع عن كذبه الذي صدّقه، على الرغم من أنه يعلم بأنه كذب و بهتان، ولد من رحم الشيطان. و في هذه الوضعية بالذات، ينشر على العقول نوع من البداهة، تلك التي خرجت من صلب الفطرة، لعلها تداوي القليل من جراح شوك الضمير، و لعلها تأخذ بيد هذا الأمير الصغير لتصنع منه رجلا، بعيدا عن أنظار السخط و المواجهة. لكن كل ما تم هو أمر خلق و انتهى، و بينما هو يتشكل، و بينما هو ي مراحله الأخيرة، يغمر الجوّ سوط القضاء، بينما تنزعج الحرية بصمت، فهي أصبحت أكلة باردة، في جوّ بارد أيضا، فيا لها من سخافة القدر و المصير.
من المحزن جدا أن يموت الأمل، و في لحظة تضيع إمكانية تحقيق الحلم، و بين العلاقات يضيع أسلوب الحياة، هذه هي تأثيرات الحرية على البشر، فعندما نجد شابا في مقتبل العمر يحصر أمانيه و أحلامه في تسعين دقيقة، هي في الأصل ليست له، فهناك حتما خطب ما، في منطقة عاطفية بعينها، و على هذا يظهر المستقبل مشوها، و يموت القدر في معارك الحوار، فلم يبقى في عالم انتهى أن يولد! سوى عبارات كادت أن تكون عصر بكل ما يحمله من قضايا، هذه هي عملات الأقدار و هذا هو عمل الضعف حين لا ينفع التحدي في مواجهة حق تقرير معاداة التقاليد و الخرافات، فإلى متى ينحصر الأمل في تسعين دقيقة؟ و إلى متى ينحصر المستقبل في صندوق الكتروني؟
علينا مراجعة الأمر، من بدايته و حتى تداعياته، فالذهنية التي تشارك في الربط، لم تعد قادرة على الحل، و هذا هو عصب المشكلة التي لا بد من أنها تحوّلت إلى أكثر من محرك سالب، يدفع باتجاه الموت قبل الموت. إذن علينا مراجعة أنفسنا و وضعياتنا، و مواجهة مشاكلنا، علينـــا فعل ذلك.

السيّد: مــــزوار محمد سعيد