الثقة في البنك العربي
معروف في الاوساط المصرفية ان البنك العربي يمنح اقل فوائد على الودائع، ورغم ذلك فالوادئع
لديه في تزايد مستمر، وتشكل التسهيلات بالنسبة للودائع لديه حوالي 65 بالمائة ، وهي
نسبة كبيرة جدا ، فما هو السبب في ذلك ؟.
لا شك ان عامل الثقة هو السبب الرئيسي الذي
جعل من البنك العربي احد اهم المؤسسات المالية في المنطقة ، ولعبت عائلة شومان دورا
رئيسيا في هذا الشأن وباتت ادارتهم للبنك وفروعه المنتشرة في اكثر من 30 دولة نموذجا في ادارات البنوك تعرف بالادارة «الشومانية
« ، فهذه هي العائلة الوحيدة في الاردن التي لم تعمل في شيء سوى في البنك العربي ،
فلم تعمل او تستثمر بالعقارات او الاسهم او الصناعة ولا بشيء، فهي متخصصة بالعمل المصرفي فقط لاغير.
خروج عائلة شومان من البنك بعد استقالة
الحفيد عبد الحميد تعطي مؤشرات هامة على ان المؤسسة المالية الكبرى في البلاد تشهد
بين اروقتها خلافات حادة بين كبار المساهمين ، وهذا ما دفع الامور في الاونة الاخيرة
الى استقالة عائلة شومان بعد 82 عاما من ادارتها لاكبر مصرف في الوطن العربي يملكه القطاع الخاص.
بغض النظر عمّن سيدير البنك او يرأس مجلس
ادارته ، فالذي يعنينا في الاردن هو المحافظة
على هذا المعلم الاقتصادي الحيوي .
في هذا الشأن لابد من الاعتراف بان البنك
العربي لعب دورا مهما وحاسما في الكثير من المنعطفات التي واجهت الاقتصاد الاردني في
العقود الماضية ، فقد ساهم مساهمات مباشرة في الكثير من المشاريع الاستراتيجية مثل
شركات التعدين والمصفاة ، وموّل معظم المشاريع الكبرى ، وله دور ريادي في المسؤولية
الاجتماعية تجاه المملكة مثل صندوق المعلمين والمحافظات وغيره من المبادرات التنموية
الاجتماعية ، وقد كفل الحكومات في الكثير من الصفقات الاقتراضية غير الناجحةقام بسداد
بعض التزاماتها المالية ، لا بل دفع جزءا من الرواتب في بعض الاشهر ، وكان له دوور
حاسم في الحفاظ على سعر صرف الدينار .
ما يهم الاردن من الادارة الجديدة للبنك هو المحافظة على حصته
العالية في التسهيلات المصرفية ، فالكل يخشى بعد شومان ان تسيطر مجموعات استثمارية
جديدة على القرار المصرفي للبنك وتضع يدها
على دفة قرار التسهيلات ، ومن ثم توجهه الى مشاريعها الخاسرة هنا وهناك خارج البلاد
، علما ان الادارة السابقة كانت رافضة لمنحهم
تلك الاموال لعدم جدوى اقراضهم.
هذا الامر في غاية من الاهمية لسبب هو ان
البنك العربي لوحده يستحوذ على 90بالمائة من السيولة الفائضة لدى الجهاز المصرفي باكمله ، وهو يستحوذ على 20 بالمائة
من مجمل التسهيلات ، وودائعه تشكل 25 بالمائة من مجمل ودائع البنوك العاملة في الاردن
.
الخلافات بين اعضاء مجلس ادارة البنك العربي
كانت منذ اشهر وتصاعدت حدتها بشكل متزايد في
الفترة الاخيرة لدرجة انها دفعت بكبار المستشارين في البنك للاستقالة ، بعد ان شهدوا
صراعا بين اطياف متعددة في البنك، هذه الامور
كانت تسير بمرأى ومسمع من البنك المركزي ،
لكن لم يتدخل لحل خلافات اعضاء مجلس ادارة اكبر البنوك لديه ، وهذا يقودنا الى ردة
الفعل الفاترة التي ابداها «المركزي «تجاه الاستقالة، والتي اكد فيها على لسان المحافظ
ان البنك العربي بخير وسيسير قدما.
طبعا سيسير قدما فالبنك العربي مؤسسة مالية
عملاقة ليست مرتبطة بشخص معين ، لكن ردة الفعل الفاترة اثارت تساؤلا كبيرا حول موقف
«المركزي» من الصراعات الداخلية في «العربي»
، لدرجة ان البعض يرى بان الموقف الرسمي هو
نتيجة منطقية لموقف شومان في الاونة الاخيرة
من عدم مشاركته في بعض سندات الحكومة التي طرحتها في الاونة الاخيرة خاصة المتعلقة
بشركة الكهرباء ، والتي رفض العربي الدخول فيها خوفا على مصلحة البنك وتصنيفه الائتماني .
على اية حال البنك العربي سيسير دون ادنى
شك ، لكن من المفترض على الحكومة من خلال البنك المركزي ان تراقب اتجاهات ادارة التسهيلات
للبنك في الفترة المقبلة ، والتدقيق في وجهتها ، خاصة وان معظم أعضاء ادارة مجلس البنك
العربي لايوجد منهم من هو مصرفي ، فمعظم الاعضاء
رجال اعمال وسياسيون ووزراء سابقون ، بمعنى
ان تحد الحكومة من سيطرة اي جهة على قرار التسهيلات والمحافظة على هوية البنك الاردنية
العربية من خلال عدم نقل ادارته الى الخارج
كما يجري الحديث عنه الان .
باختصار البنك العربي وادارته الجديدة مطالبان
باستعادة الثقة التي تزعزعت بخروج عائلة شومان .
Salamah.darawi@gmail.com