كيف أفرح بالعيد


للصائم فرحتان : الأولى عند فطره ، والثانية عند لقاء ربه . وسواء كانت التي عند فطره تعني بعد انتهاء يوم صيامه ، فهي فرحة متكررة مع كل يوم صوم . أو عند فطره الذي يأتي بعد اكتمال شهر الصيام . فإنها فرحة يشعر بها كل من ذاق حلاوة الصيام بجوعه وعطشه وصبره متقربا إلى الله تعالى وطمعا في أجر يباعد بينه وبين جهنم . سيشعر بها فرحا ورضى بشربة ماء باردة أو حتى بشق تمرة .
وبحسن نية ولإدخال الفرح والسعادة على قلوب الناس ولتنشيط السوق فقد قامت الحكومة بصرف الرواتب قبل العيد ،إلا أن هذه الفرحة ستكون مشوبة بغصّة ولن تكون مكتملة . كان هذا هو الموجز واليكم التفصيل .
فكيف سيفرح رب الأسرة وهو يرى الراتب العتيد يطير نصفه قبل العيد لشراء ملابس العيد والحلوى والألعاب ويطير الباقي عيديّات ومصروف العيد وخلافه ، وعينه على الأيام القادمة كيف سيتدبر أمره حتى موعد الراتب الجديد والتي ستُقضى بهمّ في الليل وذل في النهار .
وماذا يفعل رب الأسرة والعام الدراسي هذا العام يأتي بعد العيد مباشرة برسومه وقرطاسيته وملابسه الخاصة ومصروف الأولاد المدرسية . أما إذا كان أحد الأبناء في مدرسة خاصة أو روضة أو حضانة فان ذلك يتطلب ميزانية خاصة بعد أن تحولت إلى مشاريع تجارية خالصة . كذلك فان الفصل الأول الجامعي سيبدأ بعد العيد وما يحتاجه هذا من رسوم وكتب ومواصلات ومصاريف .
فان تجاوزنا الأمور المالية ومشاكلها وهمومها ، فكيف يكون فرحنا كاملا بل هل نفرح أصلا ونحن نرى الأطفال مقطعة أوصالهم والرجال متفحمة أجسامهم والنساء منتهكة أعراضها . وهل يمكن لطفل أن يفرح وهو يرى مثيله الذي أرسله أهله ليشتري لهم الخبز كي يفطروا بعد يوم صيام ، فذهب للقاء ربه ليفطر هناك مع باقي الشهداء وفي حضرة النبي عليه الصلاة والسلام . بعد كل ذلك كيف يمكن أن أفرح بالعيد وأقول كل عام وأنتم بخير وأنا أبتسم .
أما الفرحة الثانية والتي عند الله والتي أعدها لعباده الصائمين ، فإنها تبدأ بأن يُنادى عليهم ليدخلوا من باب الريان إلى جنة عرضها السموات والأرض ، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . نسأله سبحانه أن نكون من أهلها . ونحن نعلم أنه لا يدخل الجنة أحد بعمله إلا أن يتغمده الله بفضله ورحمته ، ويومئذ تكون الجائزة والفرحة الكبرى .