اقصر الطرق للنجاح في التعامل مع الملفات والامور الصعبة ووضع حلول ناجعة هو المصارحة بدون مراوغة او تجميل، وبصورة اوضح اعتماد الشفافية والمكاشفة، وهنا يمكن تحديد الاتجاهات وتقاسم المسؤوليات في المجتمع افرادا ومؤسسات، وتحقيق العدالة في المجتمع، وهنا العدالة المطلقة لايمكن تحقيقها، الا ان بلوغ درجة رضا معينة في المجتمع توزيعا ومسؤولية هو الاساس الذي تقام عليه المجتمعات المتطورة والدول العصرية، وهنا يجدر الاشارة الى ان عدالة التوزيع في المجتمع هو المعيار الذي يتم الاحتكام اليه في نهاية المطاف بالرغم من محاولات البعض التقليل من اهميته بالنسبة للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
هذه المقدمة لابد منها ونحن نتابع ملفات رئيسة في البلاد الواحد تلو الاخر بدءا من فاتورة النفط واسعار المحروقات التي اصبحت عقبة كأداء الحكومات من صنعها وتضخمها، السياستان المالية والنقدية، فالضرائب بأشكالها والرسوم المختلفة لا تكتسب صفة الدوام اذا تم تكرار تغيير وتعديل القوانين المتعلقة بايرادات الدولة، وهو شكل من اشكال ضعف الاستقرار المالي، بالاضافة الى اصطفاف غير مبرر من قبل بعض المسؤولين، ويتم هنا رفع الضريبة على قطاع ما وتخفيضها على قطاع اخر، وفي نهاية المطاف المستفيد من هذه القرارات فئة او احيانا شخص او اكثر.
ومن القرارات التي تحاول الوصول الى ما تبقى من اموال المواطنين بتشجيعهم على تسديد مستحقات للحكومة بعضها منصف وبعض الآخر موضع خلاف، ومع ذلك تضع المالية هدفا ماليا كأن تحصل على 20 مليون دينار لذلك تعتمد الى نمط الحوافز والغاء الغرامات ( وهي بالاساس غير مقنعة ) لذلك يسارع المواطن بخاصة البسطاء ومتوسطي الدخل الى الاقتراض لتقديم ما عليهم للمالية العامة، والهدف الرئيس لهكذا قرار هو جمع مبلغ محدد من المال وفي حال الاخفاق يتم تمديد فترة سريان الاعفاء الحكومي والهدف ليس التسهيل على العامة وانما بلوغ الهدف المالي.
معالجة الشركات المساهمة العامة المدرجة اسهمها في بورصة عمان ملف تعطل حتى كبح الاقتصاد من التعافي، علما بان المعادلة واضحة، من يستحق وقادر على السداد ولديه رهونات كافية يمكن توفير التمويل له بسعر منطقي، الا ان كافة الجهود التي بذلت لحل مشكلة الشركات وتلبية احتياجات من المال ذهبت ادراج ارياح وكسب منها بنك او اثنين لاعادة جدولة ديونهما على الشركات، اي ان الشركات لم تحصل على التمويل، وعقب ذلك نصب جام غضبنا عليها دون ان نعرف ان ما جرى هو ( ضحك على الذقون كما يقال)، وهناك الكثير من القضايا المريرة يمكن طرحها.
اضعاف الشفافية مستمر ونتحدث عنها كثيرا، وغياب المكاشفة لا نلتفت اليها ونفضل المجاملة على المحاسبة ونحتكم للقوانين والتشريعات الناظمة لحياتنا، هذا الوضع يدفعنا الى الاسوأ ان لم نعالج اوضاعنا والطريق بيّن وواضح.