نفهم أن عدم وجود زخم في عملية التسجيل للانتخابات و بالتالي استلام الهويات ،لا يعني ذلك عدم إقبال الناس على الانتخابات ، أو كما تدعي بعض التيارات عدم رضاء الناس وقناعتهم بقانونها أو إجراءاتها . ويمكن أن يكمن الجواب في طبيعة شهر رمضان أولا وشعور المواطن ثانيا بأن دلالات محددة تشير إلى فكرة تأجيل الانتخابات , سواء في الحديث المتعلق بالموقف المتصاعد في سورية وسيناريوهاته المقبلة , وثالثا ما تعنيه الدعوة لجلسة استثنائية ثانية لمجلس النواب ونحن على مشارف شهر أيلول . ورابعا ما يدلل عليه بعضهم في تعليقات رئيس الهيئة المستقلة حول الانتخابات بعد استكمال الإجراءات وتحقيق الشروط المطلوبة كاملة خاصة ونحن نعيش في فترة العد العكسي لموعدها.
حديث الصالونات وتركيز الإعلام والأقلام عن أهمية التعامل مع المقاطعين للوصول لحل وسط على اعتبار أن المشاركة هي الضمان الوحيد لإنجاح مسيرة الإصلاح الوطني وخاصة في إطاره السياسي دلالة أخرى على احتمالية التأجيل وهذا كله بطبيعة الحال إشارات ودلالات تقع في خانة التكهنات والتحليل .
الجانب الآخر يكمن في تأكيد الملك على إجراء الانتخابات نهاية العام بحديثه المتكرر للإعلام و مجموعة شخصيات سياسية جمعتهم ليالي رمضان , يوازيها إجراءات موزونة للهيئة المستقلة هذا مع عدم تضارب عقد الدورات الاستثنائية مع ما تتخذه الهيئة من إجراءات كل هذا لا يصب فقط في خانة إجراء الانتخابات بل يدفع باتجاه تشجيع الناس على الاستجابة والقيام بكامل الإجراءات استعدادا لها خاصة أن عمليات الحوار والتشاور وتشكيل اللجان وغيرها أخذت مداها الأوسع وزمنها الأكبر، ولا اعتقد أن المسألة أصبحت قابلة لمزيد من مضيعة الوقت أو التنبؤ ولو لخطوة قادمة غير الدخول في صلب إجراءات الانتخابات . المسالة نسبية ولا بدّ من السير بها للخروج من هذه المرحلة لنؤسس لمرحلة تستطيع ظروفها من تلبية كل مطالب الناس السياسية وليس جزءا منها . لكن الأساس يبقى في الدخول إلى ساحة الانتخابات وتلبية متطلباتها.
الأحزاب اليسارية والقومية بمعظمها ( تلقفت ) الرسالة وتعاملت مع الواقع المنجز بمسؤولية وحس وطني كبيرين ، وأعلنت عن توجهها للمشاركة في مسيرة الإصلاح لإيمانها بأن المشاركة هي الأساس والمقاطعة هي الاستثناء , فالوطن يريد فعل إيجابي لا سلبي , فعل لا يبنى على الانكفاء واحتكار الرأي (وتغليط) الآخرين .
حزب جبهة العمل الإسلامي و التيار الإخواني بأكمله يحتاج لمثل هذه النظرة واعتقد أن زيارات على أبو السكر وبرفقته قيادات إخوانية لمنازل شخصيات سياسية , جاءت من باب الاستمزاج والتقييم لموقف الإخوان خاصة انهم شعروا أن مثل هذا الأسلوب قد يفكك العقد الفريد كما قلنا سابقا مع النظام الذي احتضنهم على مدار عشرات السنين فالجميع أشار عليهم بخطأ موقفهم المقاطع . .
الأغلبية الصامتة التي تمثل 85% من المواطنين الذين يمثلون قبة البرلمان القادم وبعد القادم اصبحوا على الكلام ، وقد اعلنوا انهم لم يتنازلوا عن مسيرة الإصلاح الوطنية وما هي إلا أيام وستجد طوابير الناس تقف على أبواب مديريات الأحوال المدنية ومكاتبها تهرول للتسجيل، لتضع عندها الحقائق في نصابها وترد على كل من يحاولون المزاودة على الوطن . فإذا كان هذا الأمر ليس حقيقة فانه يبقى أيضا في حدود التمني الذي ننشده بأبناء الأردن الأوفياء.
الإعلام الأردني وخاصة الرسمي يتحمل المسؤولية الكبرى في وضع الدلالات الرئيسية للعملية الانتخابية كحقيقة ستجرى في نهاية العام وهو في الوقت نفسه مدعو للاستفسار عن المؤشرات الخفية التي تدعو باتجاه التأجيل والولوج نحو تبديدها أو تقويتها فالناس تريد أن تعرف الحقيقة وتريد أن ترسي على بر.