خصخصة الآثار.. خطأ فادح

قبل عام تقريبا وتحديدا في شهر ايلول الماضي شنت الصحافة ووسائل الاعلام هجمة شرسة على الحكومة آنذاك بعد ان تبين لها وجود مخطط لخصخصة الاثار وتسليمها تحت حجة الاستثمار الى القطاع الخاص، وهو ما اوقفته الحكومة السابقة بعد ان تنبهت لخطورة الامر.

الان يعود المشروع للظهور من جديد رغم ان الطاقم الرسمي الحالي المعني بالسياحة هو من اوقف المشروع سابقا، ولم يطرأ عليه اي تغيير. فما الذي حدث ؟، وما هي قصة خصخصة الاثار ؟.
في عام 2007 كانت هناك توجهات من قبل وزارة السياحة والآثار لتخصيص بعض المواقع الأثرية واعطائها للقطاع الخاص بشكل استثمارات سياحية، بمعنى اخر، بيع المواقع الأثرية والتي تشكل تاريخنا وحضارتنا.

لا يمكن بيع التاريخ باي شكل، فقد أنشئت دائرة الآثار ومنذ زمن بعيد لمصلحة المحافظة على الآثار وابقائها للأجيال القادمة وليس بيعها، اما المستثمر فمصلحته المال والحصول على اكبر قدر منه على حساب هذا التاريخ، وكان هناك مشروع شركة للاستثمارات السياحية تقوم بترويج وبيع المواقع باستثناء عمليات الترميم والمنوطة فقط بدائرة الآثار العامة، ولا مكان للدائرة أو موظفيها حتى بالدخول الى المواقع. وبناء على هذا التوجه فقد اصبح هناك اختلاف في وجهات النظر بين المدير العام لدائرة الاثار ومعالي الوزير انذاك.

أثيرت القضية للمرة الثانية في عهد وزير السياحة في وزارة البخيت، حين اعلنت الحكومة وقتها عن 20 موقعا من المواقع الأثرية للاستثمار السياحي، وهذه المواقع تصبح مواقع سياحية وتبعيتها القانونية للوزارة وليست لدائرة الآثار العامة وترفع عنها صفة ( الآثار).

حينها رفض مدير عام الآثار انذاك هذه الهجمة على الآثار وقام باستحداث مديرية باسم (مديرية ادارة المواقع الأثرية ) وقام فريق من المتخصصين في الدائرة بوضع تعليمات لادارة واستخدام هذه المواقع بما يتماشى مع مكانتها الأثرية وتحديد رسوم دخول جديدة تعود بالنفع على خزينة الدولة وليس الى جيوب المستثمرين.

الإ أن هذه التعليمات بقيت كمسودة. وقال وزير السياحة حينها امام موظفي دائرة الآثار انذاك ان الهيكل التنظيمي والخاص بدائرة الآثار لم يبارح مكتبه ولن يتم اعتماده وتمت بعدها اقالة المدير العام انذاك والذي لم يتجاوز عقده السنة.

حاليا وللمرة الثالثة تحاول وزارة السياحة والآثار اتباع نفس النهج بحجة ( ليس لدى الوزارة القدرة على تشغيل هذه المواقع)، واصبحت تطرح كلمة استثمار المواقع السياحية وهي في الحقيقة مواقع أثرية علما بان دائرة الآثار العامة قد طلبت رسميا ولعدة مرات عددا من المواقع والأبنية لتخصيصها او إدارتها الإ أن الوزارة رفضت واهملت الطلب، ويقوم حاليا المعنيون في وزارة السياحة بالإجتماع بعدد من مدراء المواقع الأثرية ومدراء المشاريع وبترويج فكرة استثمار المواقع وتسليم هذه المواقع للقطاع الخاص، وخلال الإجتماعات طرح اسم عدد من هذه المواقع مثل جبل القلعة وجرش ومتحف أخفض مكان على الأرض في غور الصافي.

بالرجوع الى قانون الآثار فان جميع المواقع الأثرية تتبع لدائرة الآثار العامة وهذا القانون يقف عثرة بوجه كل من يحاول القيام ببيع هذا التاريخ، وفي الحقيقة فان اي محاولة للالتفاف عليه يعتبر خطأ فادحا بحق الوطن، فالاثار لا تخصخص وعدم المحافظة عليها كارثة للدولة، ولا يجوز لاحد وضع يده عليه، فلم نر في اي دولة بالعالم او نسمع بان اثار الدولة التاريخية تدار من جهات غير رسمية على الاطلاق.