لم تعد هناك حاجة لتأكيد ما أصبح معروفاً من أنه لا توجد منح مالية ُتقدم هكذا لوجه الله، فكل منحة لها شروط صريحة أو ضمنية لابد من الوفاء بها للحصول على المنحة المالية.
ولم تعد هناك حاجة للقول بأن الأردن ما زال بحاجة للمزيد من المنح المالية لمواجهة نفقاته المتزايدة، وبالتالي فإنه مضطر لقبول شروط المانحين على أمل أنهم لن يتجاوزوا حدود المعقول. وكلما ارتفع عجز الموازنة العامة كلما زادت الحاجة للمنح الخارجية وبالتالي للقبول بالشروط المفروضة.
بعض هذه الشروط مفهوم ومرحب به، والهدف منه مصلحة الأردن وإصلاح أوضاعه والتخلص من الاختلالات التي يعاني منها، بحيث أن المساعدات الخارجية لا تذهب لتمويل الهدر وسوء الإدارة والفساد. وهذه شروط ذات منفعة مشتركة للجانبين، ومن أمثلتهـا: الديمقراطية، حرية الإعلام، انتخابات حرة، الشفافية، حقوق الإنسان، محاربة الفساد، تمكين المرأة، استـقلالية ديوان المحاسبة، استقلال القضاء، تحسين مناخ الاستثمار، الإصلاحات الهيكلية إلى آخره.
لكن هناك في بعض الحالات شروطاً سياسية تفرض على البلد المتلقي للمنحة سلوكاً معيناً لا يرغب القيام به، والقيام بدور مطلوب من وجهة نظر المانح وليس جيدأً من وجهة نظر المستفيد، وهذا النوع من الشروط موجود في المنح الأجنبية والعربية على السواء التي يعتمد عليها الأردن إلى حد بعيد.
في الوقت الحاضر مثلاً، تريد الدول الغربية مساعدة إسرائيل في حل معضلتها الديموغرافية على حساب الأردن، ومن هنا جاءت عريضة 500 شخصية فلسطينية تطالب بالتوطين الكامل الذي تسميه المواطنة المتساوية، أي أن هناك مطالبـة بالمزيد من الحقوق والمواقع السياسية والإدارية في الأردن وليس في فلسطين، مما دفع البعض الآخر للمطالبة بالمساواة في توزيع الثروة والتوظيف في القطاع الخاص أي الترويج لسياسة المحاصصة على الطريقة اللبنانية والعراقية.
وهناك شروط تتعلق بالسلوك السياسي والأمني تجاه النظام السوري، فليس سراً أن الأردن واقع تحت ضغط عربي وغربي للتخلي عن سياسة الحياد الإيجابي واتخاذ مواقف وسلوك معاد لسوريا سواء بشكل مباشر أو عن طريق آخر.
يبدو أن الأردن صامد في وجه الضغوط حتى الآن، ولم يستجب للشروط لا في الشأن السوري، ولا في موضوع الوطن البديل. يدل على ذلك تأخير دفع المساعدات العربية والأميركية المنتظرة والمرصودة في الموازنة العامة.