عندما تلتقي الرؤية الملكية مع إرادة الشعب

تابعت جميع الاوساط الرسمية والشعبية وكافة النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية حديث جلالة الملك الواضح والصريح والشامل لشبكة التلفزيون بي.بي.اس الاميركية الاسبوع الماضي وقبل تحليل مضامين هذا اللقاء لا بد من التوقف عند اهم ما قاله جلالة الملك حيث قال:

ادرك ان مهمتي الرئيسية تكمن في تحقيق رغبات الشعب والتطور معهم ومساعدتهم في السير الى الامام وعلى الاحزاب السياسية الابتعاد عن الخطابة ووضع برامج اقتصادية واجتماعية حتى يصوت الناس بناء على تلك البرامج.

اذا كان الاخوان يريدون تغيير الدستور وقوانين الاحزاب السياسية ويريدون ان يفعلوا اشياء اخرى لصالح المجتمع الاردني فالافضل الا يتم ذلك في الشارع بل من خلال مجلس النواب.

رؤيتي للاردن تكمن في انني أود ان أرى ثلاثة الى خمسة احزاب سياسية تمثل اليسار واليمين والوسط في اسرع وقت ممكن، وما اريده هو ان تكون هناك حكومات برلمانية منتخبة وافضل طريقة للقيام بذلك هو تشجيع البرلمانيين للعمل معا لتشكيل كتل سياسية.

من خلال تحليل كل كلمة ومفردة مما قاله جلالة الملك نستطيع ان نشخص الحالة الاردنية المحلية والاقليمية والدولية على النحو التالي :
لا زال هناك عزوف عن الانخراط في الاحزاب كما ان الاحزاب الاردنية لا زالت غير عابرة للمحافظات باستثناء حزب الاخوان المسلمين، كما ان الاحزاب لا زالت غيرقادرة على تداول السلطة وذلك لكثرتها وتركيز معظمها في عمان العاصمة اضافة الى ان معظم الاحزاب تفتقد الى البرامج الوطنية الشاملة.
ان البرامج المطروحة غير متناسبة مع متطلبات الشارع الاردني كما ان البعض لا زال يطرح برامجه واجندته الشخصية على انها برامج وطنية وهذا غير صحيح لان الخطورة في عملية الاصلاح هي تقديم المصالح الشخصية على انها مصالح وطنية وهذا الذي يعيق عملية الاصلاح وهذا ما اشار اليه جلالة الملك في حديثه الاخير.

علينا ان ندرك جميعا ان العملية الانتخابية تشكل تتويجا للعملية الاصلاحية التي مرت بعدة مراحل سابقا وتم انجازها دستوريا.

على الصعيد الاقليمي علينا ان نؤكد على اهمية ضمان وحدة سوريا لما تشكله من مصلحة استراتيجية على المستوى الاقليمي ونظرا لطبيعة الجوار الجغرافي والتداخل الاجتماعي والاقتصادي مع الاردن وان الخوف اليوم هو تراجع القومية العربية واستبدالها بالقطرية وان التحدي الكبير الماثل اليوم امام الجميع هو كيفية اعادة مفهوم الولاء للوطن بدلا من الولاء للطائفية والاثنية.

ختاما علينا ان نترجم ما قاله جلالة الملك الى افعال فالرغبة الملكية هي مشاركة الاخوان حيث تبين مدى اهتمام جلالة الملك بالاخوان المسلمين وان هناك فهما لهذه الشريحة التي تعايشت مع نظام الحكم الملكي عبر اكثر من ستين عاما وما يزال الملك راغبا فيهم، داعيا اياهم للمشاركة في الانتخابات ومؤكدا حرصه على مطالبهم لا على سبيل التفصيل على المقاس بل لان النزاهة تشمل الجميع، ولا يقبل ان يأخذ الاخوان اكثر من حصتهم ولا يرد في منطق العدل ان يستحوذ اي حزب سياسي على المشهد السياسي فالاصلاح حلقات متراكمة ومترابطة ولها بداية ولا تنتهي الا بانتهاء الحياة.