المرحلة المقبلة.. إدارة أمنية بامتياز

الأمن قادم بقوة، والدليل تشكيل كتيبة إعلامية مؤلفة من رؤساء تحرير صحف وكتاب بإدارة أمنية، وبمباركة من مرجعيات عليا لمواجهة المقاطعة التي باتت تقنع أكثر في المجتمع، وقد تنتصر في النهاية.
ولو عدنا أيضا لفهم مبررات إغلاق «قناة جوسات»، وتحويل ضيوف آخر حلقة لبرنامج «في الصميم» إلى المحكمة، لوجدنا ما يعزز استنتاجنا الأول من أن الأمن هو من سيدير المرحلة، وأن العرفية ستكون عصا المشاركة الوحيدة.
وكما أشار تقرير «الجزيرة نت» فإن الكتاب يتحدثون عن ضغوط لفرض ثلاث «لاءات» عليهم؛ وهي منع توجيه النقد لقانون الصوت الواحد، ومنع الترويج للمقاطعة، وحظر منابر الداعين إلى المقاطعة.
طبعاً الكتاب والإعلاميون نوعان؛ نوع لا داعي لتوجيهه لأنه موجه ويعرف طريقه، ونوع آخر يرى الحقيقة ويرفض القانون، وهؤلاء هم من ستقع عليهم أدوات التأثير.
المرجعيات تعرف أنها لو تركت المشهد الأردني فقط للتدافع الطبيعي فلن تكون هناك انتخابات؛ بسبب فشل التسجيل المؤكد، وبسبب العزوف المؤكد عن الانتخابات.
إذن؛ عبقرية مطبخ القرار تفتقت عن حل سهل قديم جديد، مفاده استخدام الأمن من خلال شبكاته وعلاقاته مع الإعلام والشخصيات الشعبية لدفعهم نحو العمل من اجل «تخجيل الناس» بالذهاب إلى الانتخابات.
أما المقاطعة فسيتم ضربها بيد من «شبه حديد»، حيث البلطجية عادوا إلى العمل، ووصفة الولاء والانتماء المنفلتة من القيود تم تفعيلها.
الحكومة لا تملك محاورة الناس بالحجة، والسبب أن رئيسها وناطقها الرسمي لا يملكون صيتا مناسبا لفعل ذلك، ومن هنا كان الأمن حلاً ولا غيره.
قادم الأيام صعب، وتزداد صعوبته مع تعمق الإرباك الذي نلاحظه على أداء الدولة تجاه الملف السياسي الداخلي.
ما يسيطر على الدولة أنها تريد تمرير مشروعها الإصلاحي رغم أنف الجميع، وقد قررت لذلك استخدام الأساليب غير اللائقة من فرض الرأي واستخدام الأمن والتضييق على الآخر وتثوير الفزاعات وغيرها.
لكن هل ستنجح؟ هل ستقنع الأردنيين بالذهاب إلى الصناديق لاستنساخ مجلس نواب «لا يهش ولا ينش»، ويسوغ للإدارة سياساتها التي أفقرتنا وأوصلتنا لهذا الذي نحن فيه؟
الإجابة عند المواطن، وهو اليوم حجر الرحى، وأظنه بات واعياً وحريصا على توجيه الرسائل، ولعل المقاطعة هي الرسالة الأوفر حظاً التي قد تؤتي أوكلها هذه المرة.