النرجسية

هناك اسطورة في الادب اليوناني تذهب إلى انه ولد لسيفس آله النهر توآمان صبي وبنت ، كانا غاية في الجمال ، وكان اسم الصبي (نرسيس) وقد اخذته أمه إلى عرافه، وفي بعض الروايات أنها قصدت العرافة وابنها لا يزال في أحشائها فتنبأت له أنه سيعيش طويلاً إذا لم يعرف ذاته، أو إذا لم ير صورة وجهه، وإلا سيموت في شبابه، وحين بلغ (نرسيس) سن الشباب تعرضت له (يكو)غحدى عرائس البحر، تطلب الحب فصدها وأبى أن يوليها قلبه، فحلت عليه نقمة الىلهة وكان قد فقد أخته التي يحبها حباً شديداً، فوقف مرة بعد موتها يحدق بالماء ليرى صورته علها تذكره بأخته، فكان له ذلك وراقة جمال صوته، فعشثها ثم انتحر كما تنبأت العرافة ، وقالوا نمت في البقعة التي انتحر فيها زهرة النرجس، وأصبح هذا الضرب من الحب مفهوم عشق الذات والتباهي بها يسمى (بالنرجسية).
وقد استخدم العالم النفسي (فرويد) مصطح النرجسية وقصد به مفهوم عشق الذات، وانها ظاهرة تعبر عن المبالغة في حب الانسان لنفسه وعشقه لذاته، وفي التحليل النفسي لفرويد يولون: أنها مرحلة مبكره من مراحل النمو النفسي تتسم بالاهتمام المفرط بالنفس ونقص الاهتمام بالآخرين، ولكن عندما تستمر النرجسية مع الفرد على الرغم من تجاوزه لمرحلتها في تطوره عندئذ يتسم الفرد بحب ذاته حبا مرضيا، وقد يفتتن بجسده بحيث تصبح النرجسية انحرافاً جنسيا.
ويوجد نوعان من النرجسية:
النرجسية الأولية وتحدث عندما لا يستطيع الطفل المولود جديثا ان يميز بين نفسه وبين الأشخاص والأشياء الاخرى الخارجية ، ولذلك تتعلق طاقته الجنسية في اول الامر بذات الطفل نفسه، وهنا يعرف حب الطفل لذاته بالنرجسية الاوليةز
النرجسية الثانوية وتبدأ حينما يبدأ الطفل يميز بين نفسه وبين الاشخاص المحيطين به فنلاحظ ان الطفل يتجه نحو هؤلاء الأشخاص وبخاصة الام والأب ، ويعرف هذه المادة بحب الموضوع، فتحول للبيدو المتعلق بالموضوع إلى ليبدو نرجسي سمي ذلك بالنرجسية الثاوية.
وهناك فرق في النرجسية بين الذكور والإناث، فالإناث بشكل عام أكثر تكيفا من الذكور في المراحل الدراسية الأولى ، وتقل الفجوة بين الجنسين تدريجيا حتى يلتقيا في سن الدراسة الثانوية، فالفروق في الذكاء بين الجنسين هي في مستوى وظائفه إذ يتكافأ الذكور والإناث في الذكاء العام ويختلفان في القدرات الخاصة ، الذكور بشكل عام متفوقون في القدرات التي تعتمد على التفكير والتعامل بالأرقام والعلاقات المكانية، اما الاناث فيتفوقن في المهمات التي تتطلب سرعة في إدراك التفاصيل، وفي القدرات الكتابية والذاكرة، والاناث اكثر طلاقة لفظية في جميع مراحل العمر ، لكنهن لا يتفوقن في المفردات والاستيعاب اللفظي.
وأما بالنسبة للفروق في الشخصية ـ فالإناث بشكل عام أكثر نضجاً اجتماعيا وعاطفيا من أقرانهن في العمر من الذكور، حتى في سن مبكرة، والذكور اكثر اهتمام بالأشخاص، كما أن الذكور اكثر اهتمام بكيف تحدث الاشياء أو لا تحدث، والإناث بالأدوار الاجتماعية، وانهن يتلقين قدرا اكبر من العطف والحنان، ويكن اكثر حساسية لفقدان العطف والحنان، ولذلك يكن اكثر تعرضاً للاعتمادية والقلق والحساسية للرفض الاجتماعي، بينما ينشأ الذكور اكثر استقلالية وأكثر حيوية ومبادرة واكتفاء ذاتيا ، واكثر عدوانية وتمردا، ولكن اذا اخذنا بعين الاعتبار اشكال العدوان اللفظي يصبح الفرق قليلا.
إن ما يحدث في حالة النرجسية ليس حبا للذات لانه يوجد القليل من الصدق الذاتي للحب حيث يتميز الفرد المفتتن بذاته بان لديه ذات خاطئة يتجاوز من خلالها الصدق الذاتي ويبددها، فالحب النرجسي عبارة عن صورة لموضوعات الآخرين والتي تم تأكيدها من خلالهم.
أن صور الموضوعات ترتكز لدى النرجسين على إطار مشوه ، لذا تأتي لتطمئن كلا من وجوده وحدوده ما بين الواقعية والخيال، وإن الذات الزائفة تعود إلى وضع افتراضات خاطئة في النظرة إلى العالم حيث تعمل على تضخيم الشعور في الكينونة وإن التمييز ما بين ما هو موجود وبين ما نحلم به وما نسعى لتحقيقه في حياتنا شيء عظيم لتأسيس واستمرارية تقديرنا لذواتنا والقيمة الذاتية والثقة بالنفس وهنا تخرج الأحكام بشكل متكامل