الملك والإخوان
اخبار البلد
الأمن والاستقرار
أهم من مكاسب في صناديق الاقتراع .
تركت الرسالة التي
وجهها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جماعة الاخوان المسلمين من خلال مقابلته المتلفزة
صدى لدى القوى الحزبية التي باتت أقرب إلى المشاركة في الانتخابات النيابية وعدم الانسلاخ
عن عملية الاصلاح والتغيير، وكذلك ساهمت في تبديد مقولات تروج إلى تَقصُّد الدولة تهميش
الاحزاب وبالذات الاخوان المسلمين.
لحد هذه اللحظة
لم تصدر جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسية أي رد فعل على تصريحات جلالة الملك
عبدالله الثاني المتلفزة ، بل بقيت ملتزمة الصمت وقد يكون الصمت بحد ذاته موقفا ببقاء
القديم على قدمه، فالدعوة الملكية كانت واضحة لـ"الاخوان" للمشاركة في الانتخابات
النيابية المقبلة وكذلك طلب منهم "عدم الانسلاخ عن العملية السياسية".
هذا الكلام بحد
ذاته نابع عن تقدير ملكي للاخوان المسلمين ودورهم في الحياة العامة وقد قال جلالته:
أشعر بتعاطف تجاه الاخوان. وبالفعل هم جزء من النسيج الوطني والعملية السياسية لا تكتمل
الا بمشاركة الجميع من دون إقصاء أو مقاطعة .
الفكرة التي طرحها
الحديث الملكي بسيطة تقول إن مقاطعة الانتخابات أو العملية السياسية لا يمكن ان تنجز
إصلاحات لان التغيير والاصلاح بحاجة إلى حوار وطني وهذا الحوار مكانه الطبيعي تحت قبة
البرلمان وهناك يمكن طلب تغيير الدستور ويمكن طلب تغيير قانون الانتخاب وأي تشريع آخر.
ليس بالضرورة أن
يكون قانون الانتخاب مرضيا لجميع الاطراف لكن الحقيقة ان القانون الجديد رغم ملاحظاتنا
عليه يبقى افضل مما سبقه وخاصة الغاء الدوائر الوهمية وتخصيص 27 مقعدا للدائرة الوطنية
النسبية وهذه بحد ذاتها كانت حلما وكذلك اخراج الهيئة المستقلة للانتخابات الى حيز
الوجود بما جاءت به من حِبْرٍ للناخبين وتحديد مراكز الاقتراع من قبل كل ناخب و استصدار
البطاقة الانتخابية وغيرها من النقاط التي يمكن ان تسجل لصالح اجراء انتخابات نزيهة
وعادلة.
وصحيح ان الانتخابات
النيابية المبكرة التي وعد باجرائها جلالة الملك قبل نهاية العام الجاري هي الاستثناء
وليس القاعدة و الاصل ان يكمل مجلس النواب مدته الدستورية، لكن هذا الاجراء الملكي
جاء بناء على طلب القوى الحزبية والسياسية في الشارع والتي تطالب منذ حوالي السنتين
بحل المجلس واجراء انتخابات جديد، لكن من غير المفهوم ان تطالب قوى بحل المجلس (المزور)
واجراء انتخابات جديدة وعندما يستجاب الطلب تبدأ بعض القوى باشهار سلاح المقاطعة ،
فكيف يمكن التوفيق بين طلب اجراء الانتخابات وموقف مقاطعتها.
وهنا نذكر بالطروحات
حول ضرورة التوافق على قانون انتخاب مرحلي يتم بموجبه دخول الانتخابات وتشكيل مجلس
نيابي جديد وتصبح من مهمته تعديل القانون حسب موازين القوى الحزبية والسياسية والاجتماعية
التي وصلت تحت القبة.
وهنا نعود الى
جلالة الملك الذي اكد انه لا يستطيع ان يُفصّل قانون انتخاب على مقاس هذه القوى او
تلك ، خاصة في مرحلة اعادة التشكيل الديمقراطي والاصلاح السياسي الجاري، بحيث لا يجوز
ان تحتكر قوة سيساية وحيدة تمثيل الشارع لانها ستتحكم في مصير الاردنيين، وهنا فالقانون
الحقيقي هو من يعطي القوى السياسية حقها من المقاعد من دون اجحاف.
الرسالة الملكية
للاخوان المسلمين تعدت قانون الانتخاب ، الى طلب بقائهم داخل النظام السياسي الذي اكرمهم
والذي انطلقوا منه ، فلولاه ما استطاع الاخوان ان يكونوا بهذا الحجم في الشارع ، فالمرونة
مطلوبة وهي التي تصنع التغيير، والامن والاستقرار اهم من مكاسب في صناديق الاقتراع.