متغيرات اقتصادية وارتفاع في كلف المعيشة ومشاريع ضخمة تغير معالم العقبة

اخبار البلد : بعد 10 سنوات من إعلان منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تتجه المدينة الساحلية نحو عدة مسارات تهم المواطن القاطن فيها بالدرجة الأولى لاسيما في قضايا الإسكان والفقر والبطالة والتشغيل وارتفاع الأجور و تنمية المجتمع المحلي .
و لم يعد خافيا على أي مواطن في العقبة أن مغانم المنطقة الاقتصادية تحققت لشريحة واحدة دون الشرائح الأخرى في إشارة واضحة إلى معاناة شديدة لأصحاب الدخل المحدود وأصحاب الدخول المتواضعة بسبب الحالة الإنتقاليةالتي تعيشها المدينة بعد تبعات تحويلها إلى منطقة اقتصادية خاصة زادت الغني غنى و الفقير فقرا حيث تمكنت شريحة لا تتجاوز 10% بحسب تقديرات مهتمون من سكان المدينة وساكنيها الجدد من الحصول على إيرادات وامتيازات فاقت التوقعات بسبب التجارة المتنوعة في الأراضي والعقارات وتطوير الأراضي غير المطورة سابقا في حين اكتوى 90% من سكان المدينة بالارتفاع المذهل في كافة تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية دون أن يطرأ أي تغير على مداخيلهم لاسيما موظفي القطاع العام و الباحثين عن عمل .





وقد نمت العقبة في السنوات الأولى من عمر المنطقة الخاصة نظرا للتهافت غير المبرر من الباحثين عن أنصاف فرص للاستثمار و التجارة فيها سرعان ما تحول الأمر إلى كابوس أصاب معظم المصالح في المدينة لاسيما بعد تداعيات الأزمة المالية العالمية و الظروف السياسية المحيطة التي أثرت سلبا وبشكل كبير على السياحة في المدينة ما جعل العقبة مدينة عادية قفزت فيها الأسعار بشكل جنوني دون أن يقابلها أي حراك اقتصادي الأمر الذي فرض حالة من الحصرية الاقتصادية عنوانها (التضخم الركودي أو الركود التضخمي ) بسبب كلفة رؤوس الأموال العالية وكلفة السلع نتيجة عدة عوامل , وضعف الطلب على السلع كافة والمنتجات العقارية.

الاسكان والايجار والتملك والعقارات

وأصبح امتلاك شقة في مدينة العقبة حلماً صعب المنال لأغلب الشباب المقبلين على الزواج أو الطامحين العمل فيها ، وفي اقل من 10 سنوات أصبحت أسعار العقارات و المساكن « خياليه « فارتفع إيجار الشقة الصغيرة «أستوديو» في منطقة الدخل المحدود مثلا إلى 150 دينارا أو أكثر ووصل إيجار الطابق في نفس المنطقة إلى 250 دينارا بمساحات موحدة تقريبا 130 م2 وارتفع إيجار الشقة في مناطق اخرى في المدينة متوسطة الى300 دينار إن وجدت وهكذا صعودا لمناطق الثالثة والخامسة وغيرها الأمر الذي انعكس سلباً على المواطنين و لاسيما الشباب المقبلين على الزواج الذين وجدوا أمامهم أسعارا لا تطاق سواء بالإيجار أو الشراء في ظل تدني المداخيل .
ويرى زياد العبيات ( موظف ) أن رحلة البحث عن امتلاك مسكن ما زالت إحدى أهم التحديات للشباب القاطنين في العقبة في ظل موجة ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية وارتفاع كلفة الإقراض من البنوك والمؤسسات المالية الأمر الذي يدفع بالشاب إلى تأجيل مشروع الزواج أو نسيان الموضوع وتأجيله إلى إشعار أخر .. مطالباً بضرورة تدخل مباشر من المؤسسات والجهات الحكومية المعنية بقطاع الإسكان من خلال التوسع في بناء الإسكانات وبيعها إلى المواطنين بأسعار معقولة وعدم ترك الأمر للقطاع الخاص الذي بدأ «ماراثونا» في العقبة في عمليات البناء والبيع و التأجير مستغلين بذلك حاجة المواطن مما رتب أعباء مالية إضافية على طبقة الموظفين لاسيما( الاعازب) منهم .
و لعل مؤشر واقع الإيجارات والعقارات في العقبة هو المؤشر الأكثر وضوحاً في المشهد الاقتصادي و الاجتماعي في المدينة ، فكما هو معروف قبل إعلان العقبة منطقة خاصة كانت أسعار الإيجارات والمساكن والأراضي والعقارات عاديه بحيث كان الموظف أو المواطن يستطيع أن يستأجر منزلا بحدود 100 دينار شهريا وكان بإمكان الأكثر قدره استئجار منزلا في منطقة راقيه بحوالي 150 دينارا ايضا وكذلك الأمر بالنسبة لمن أراد أن يشتري أرضا أو عقارا حيث كانت أسعار «قطعة الأرض» في مناطق المحدود والرمال معروفة ولا تتجاوز القطعة الواحدة 10 آلاف دينار وفي مناطق الثالثة والمناطق المطورة هناك بضعة آلاف زيادة على هذا الرقم .
ويرى احمد راكز ومحمد المبيضين ، أن الأمر يجب أن يكون أولوية في البحث والدراسة والاستقصاء خاصة وان «الدخول المادية « لم يتغير عليها شيئا، وبالتالي فان مؤشر «الارتفاع» أصبح يهدد حياة كثير من المواطنين والعاملين .

امتلاك سكن عن طريق
التمويل من البنوك

ويقول احمد خالد موظف قطاع خاص:» قدمنا للعقبة كعائلة على أمل أن الفرص المتاحة خياليه ومتوفرة, ولضمان الاستقرار إشترينا منزلا وبواسطة البنوك»، الأمر الذي ضغط على بقية مصاريفنا المعاشية الأخرى لدرجة خانقة وغير مقبولة فكمبيالة البنك الشهرية تتجاوز 250 دينارا، والدخل متواضع ،و الحياة المعيشية بالعقبة رغم أنها اقتصادية خاصة غالية جدا أفكر جديا بالمغادرة وأحتاج لمن يشتري المنزل و» يتحمل « البنك وفوائده
أما الفريق الثاني فهم المستفيدون من مؤشر ارتفاع الإيجارات والمساكن والأراضي والعقارات والذين يؤكدون أن «الأمر» أصبح الآن أفضل «استثمار» في العقبة خاصة وان كلف البناء والتشطيبات معقولة والإيجارات مرتفعه والطلب متزايد، وبالتالي فالكل يقرأ وفي مناطق متعددة عشرات «اللوحات» الإعلانية للترويج عن شركة اسكان واراضي ويشاهد مئات «العمارات» التي ما زالت تبنى ومعلنه للبيع الفوري.
وأكد أصحاب مكاتب عقاريه أن هامش الربح لبيع الشقق ارتفع بنسبة كبيرة من أساس رأس المال المستغل منذ تحويل العقبة إلى منطقة خاصة، خصوصا في فترات مايسمى بالطفرات (غلاء أسعار الأراضي المفاجئ والكبير في المدينة ) التي تكررت مرات خلال العقد الأخير لافتين إلى الزيادة السكانية التي فاقت مساحة الأرض الموجودة في المدينة، إضافة إلى أن مشاريع شراء الأراضي و العقارات والإسكان أصبحت من أكثر المشاريع المربحة والمضمونة لمن يريد إستثمار أمواله في المنطقة الخاصة.
وإعتبر أصحاب مكاتب عقارية أن المناطق المحيطة والقريبة من العقبة سوف تمثل الحل البديل للشرائح التي لا تستطيع مواكبة الارتفاع الكبير لأسعار الأراضي و العقارات خاصة في ظل وجود بنية تحتية و مشاريع إسكانية في هذه المناطق متوقعاً أن تطالها حمى ارتفاع الأسعار نتيجة الطلب المتزايد عليها .

الشقق المفروشة وأثرها
في ارتفاع قيمة الإيجار

وأكد احمد مبارك .. يعمل في بناء و تأجير الشقق ا لمفروشة تفاوت أسعار الشقق في العقبة وفقاً للمواسم و موقع الشقة موضحاً أن أسعار إيجار الشقة في الأحوال العادية يتراوح مابين (20) إلى (25) دينارا لليلة واحدة في المناطق البعيدة عن وسط البلد الذي تصل أسعاره في الأحوال العادية نحو (40) ديناراً تقريباً في حين يزداد الإقبال على تأجير الشقق في المواسم كالأعياد و العطل فتصل في المناطق القريبة من وسط البلد إلى (100) دينار في الليلة الواحدة .
وقال.. أن أفضل الاستثمارات في مدينة العقبة هو بناء الشقق و بيعها مشيراً إلى أن إيجار الشقق يخضع للعرض و الطلب في حين أن بيعها يعود بأرباح كبيرة و مضمونة.
من جهة أخرى ، قال علاء عساف مدير شركة إسكان في العقبة.. إن أسعار الأراضي في العقبة كانت كباقي المحافظات الأخرى و لكنها ارتفعت منذ فترة تقريباً و فاقت سائر المناطق كونها أصبحت مركز جذب للاستثمارات الاقتصادية و السياحية.
وبين عساف أن زيادة كلفة البناء على التاجر نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات البناء كالاسمنت و الطوب إلى الضعف و نظام الأبنية و التراخيص الذي تطبقه سلطة المنطقة الخاصة , إضافة إلى محدودية الأراضي في ظل توسع عمراني كبير تشهده المدينة و قيام دائرة الأراضي برفع أسعار التخمين و الذي يتقرر على أساسه رسوم التسجيل إضافة إلى خفض البنوك نسبة التمويل إلى 60 او 50% والتشدد المبالغ بة في الضمانات وعدم إعطاء تسهيلات مناسبة للمستثمر والمشتري هي من أهم الأسباب التي أدت إلى رفع أسعار الأراضي و العقارات في العقبة و التي باتت تشكل ظاهرة مختلفة عن باقي المناطق باستثناء العاصمة .
وأكد.. أن أكثر المشاريع ضمانة هي النقل و ملكية الأراضي مشدداً أن أصحاب شركات الإسكان و المستثمرين لديهم هامش ربح يجب أن يحصلوا عليه سواء ارتفعت أسعار الأراضي و كلفة البناء أو انخفضت نافياً أن تكون كثرة شركات الإسكان عاملاً في زيادة أسعار الأراضي لان معظمها لا تملك الاستمرارية فالبقاء هو لمن يعمل بالشكل الصحيح حسب قوله .
و في القطاع الاجتماعي و المعيشي أصبح المواطن في العقبة يعيش أسيرا للالتزامات المالية المتعددة التي فرضت علية بعد تحويل العقبة إلى خاصة و انحسار معظم خياراته الاقتصادية و المعيشية في نطاق الراتب فقط بعد أن فرضت الشركات و المؤسسات الوليدة شروطها وقوانينها في عمليات التوظيف و التشغيل للشهادات العليا و الخبرات العالية ما عزز من ضعف الفرص المتاحة أمام أبناء الاسره في الحصول على وظيفة كانت قبل المنطقة الخاصة في متناول اليد بسبب الزيادة في عدد السكان و قلة التخصصات العلمية المطلوبة في سوق العمل بالمدينة مما جعل كثير من الشباب و الباحثين عن العمل لاسيما من الفتيات تائهون في البحث عن فرصة عمل لتعدد و كثرة المسؤوليات الاجتماعية و عدم انحسارها في مركز واحد في المدينة و عدم وجود مرجعية واحدة للعمل و التشغيل في العقبة .
و مازال المواطنون العاديون يعيشون بإنصاف دخولهم في ظل التفاوت الكبير بين الدخول بعد تعدد الشرائح الاجتماعية التي صنعتها المنطقة الخاصة و المؤسسات الوليدة ما فسره أكرم عبدا لجليل على انه نوع من الطبقية أفرزته المنطقة الخاصة بين أبناء المدينة الواحدة مطالبا أن يكون هناك مسطرة واحدة بين موظف القطاع العام و نسبه و تناسب بين الدخول للجميع في العقبة .
تنمية المجتمع المحلي في المدينة
ويلاحظ , إذا ما نظرنا إلى مخرجات عملية التنمية ونتائجها التي يرى البعض أنها غير منسجمة مع التطور الاقتصادي في المدينة وهذا مردة عدم وجود خطة تنموية ورؤيا متكاملة للنهوض بالمجتمع المحلي في كافة الميادين التنموية وتشتت الجهات الرسمية المعنية في التنمية الأمر الذي خلق حالة من التخبط والتشتت في الجهود التنموية وكثرة المؤسسات المعنية مثل مديرية التنمية في السلطة و المسؤولية الاجتماعية في شركة تطوير العقبة والشركات والمؤسسات الحكومية الأخرى المشابهة وشركات القطاع الخاص.
ويؤكد أبناء العقبة على ضرورة أن يكون التواصل بين السلطة وأبناء العقبة على قدر اكبر من المسؤولية الملقاة على عاتق السلطة في التنمية وضرورة إيجاد بيانات كاملة عن المحتاجين في المدينة والعمل على حل مشاكلهم لم تلق اهتماماً من مسئوليها وتقتصر على حملة مساعدات خجولة قامت بها في المدينة في قرى منطقة العقبة تم تضخيمها إعلاميا إضافة إلى وضع الخطط التنموية والحلول اللازمة للنهوض بمجتمع المدينة صحيا وتعليميا وثقافيا واقتصاديا .
بدوره اكد مفوض شؤون الاستثمار والتنميه في السلطه شرحبيل ماضي البدء بوضع خطه تنمويه شامله للاعوام 2013 – 2020 بعد دراسات مستفيضه وفقا لحاجة المجتمع المحلي ستنفذ قريبا بعد اقرارها من مجلس المفوضين .

قطاع السياحة وضعف التشغيل
ربما كان تمتعها بالمقومات الحضارية والتراثية, ما جعل اختيار مجلس وزراء السياحة العرب يقع عليها لتكون عاصمة السياحة العربية للعام الماضي 2011 , حيث تمتلك كافة مقومات العاصمة السياحية بحسب المستثمر في قطاع السياحة مازن قعوار .
ويضيف جاء اختيار مدينة العقبة عاصمة للسياحة العربية لتحقيقها مجموعة معايير من بينها سهولة الوصول إلى المدينة والأنشطة والفعاليات السياحية الموجودة فيها والطاقة الإيوائية لها والمناخ الملائم معظم أوقات السنة , وهى مدينة ساحلية تشكل أهمية كبيرة للسياحة والاقتصاد الوطني كونها المنفذ البحري الوحيد كونها منطقة اقتصادية حرة, وهى مشهورة بمناطق الغوص الجميلة فيها.
ويؤكد قعوار أن نشاط القطاع السياحي وحركة السياح تراجعت بشكل ملفت هذا العام بسبب الأوضاع السياسية المحيطة والتوترات في أكثر من بلد عربي ما اضطر كثير من الفنادق والشركات السياحية إلى الاستغناء عن بعض موظفيها والإبقاء على العمالة في أضيق الحدود تجنبا للخسائر نتيجة تدهور الموسم السياحي .
وأوضح أن الركود السياحي الذي تعيشه العقبة حاليا غير مسبوق، ما فرض على مجموعة من فنادق العقبة في إعداد تسعيرة خاصة تراعي قدرة المواطن الأردني الاقتصادية وتشجعه على أن تكون سياحة العقبة جزءا من برنامجه بدلا من السياحة الخارجية