نظرية معاليه في تأنيث التفوق الأكاديمي

يتميز الوزراء في الأردن ليس فقط بمقدرتهم العالية على الإدارة الناجحة لوزاراتهم بمواردها البشرية والمالية ومواجهة التحديات الكبيرة أمام تلك الوزارات، بل ايضا في قدرتهم على تطوير نظريات جديدة في مجال تخصصهم، أو في مجال عمل وزاراتهم طالما أنه لا ضرورة لوجود توافق بين الأمرين!

في المؤتمر الصحافي الذي عقدته وزارة التربية والتعليم لإعلان نتائج الثانوية العامة، وهو مؤتمر صحافي روتيني في معظم الأحيان كان لمعالي وزير التربية الفضل في منح هذا المؤتمر المزيد من الإثارة غير المتوقعة عندما أعلن عن نظرية تربوية وتعليمية جديدة غير مسبوقة اثناء إجابته على سؤال مهم حول اسباب حصول الفتيات على نسبة تتجاوز 70% في لائحة المتفوقين في كافة التخصصات. أكد معاليه وبطريقة واضحة أن "السبب في ذلك معروف وهو أن الفتيات يفضلن الدراسة من أجل التهرب من أعمال المنزل”.

في بحث سريع في قاعدة بيانات أهم الدراسات الأكاديمية المحكمة التي تحاول تفسير تأنيث التفوق الأكاديمي في كافة أنحاء العالم، وليس الأردن فقط لم أجد نظرية مشابهة. يمكن لمعاليه الآن المطالبة بأسبقية دولية في هذا المجال ولكن ذلك يحتاج طبعا إلى دراسة علمية محكمة منشورة في مجلة تعليمية مرموقة ومستندة إلى بحث علمي وإحصائي باستخدام قاعدة معلومات مأخوذة من مقابلات واستمارات معبأة من قبل الطالبات وأسرهن لتوضيح مدى الوقت الذي تم تحويله من غسل الملابس وجلي الأواني وشطف المطبخ إلى الدراسة ومن ثم إجراء عمليات إحصائية معقدة لمعرفة إذا كان ثمة "علاقة مهمة Significant تسمح بطرح هذه النظرية في المحافل العلمية والتعليمية.

إلى أن يتم نشر تلك الدراسة الموثقة، فإن نظرية معاليه لا تعتبر للأسف إلا انعكاسا لعقلية ذكورية تقليدية تحاول التقليل من شأن نجاح وتفوق الإناث معيدا إياه إلى حالة "تهرب من المسؤولية المنزلية” بدلا من تركيز القدرات على التفوق وعلى التعليم الذي يمنح للأنثى في مجتمعنا فرصا لا تحصل عليها في سياق آخر. هذه الحالة من التفوق الكبير للإناث ليست جديدة بل هي مستمرة منذ 10 سنوات على الأقل في حال راجعنا لوائح العشر الأوائل منذ العام 2000 وتحتاج إلى تفسير علمي صحيح ومنطقي وغير مهين للمتفوقات، بحيث يمكن تعزيز الاستفادة من هذه الظاهرة.

التفوق الأكاديمي للفتيات يجب أن يكون في مصلحة الأردن في حال وجود تقاليد اجتماعية ومهنية تسمح للفتيات بتحقيق كامل قدراتهم العلمية والأكاديمية ولكن الواقع يشير الى أن عملية "الغربلة” الأكاديمية تبدأ عند سوق العمل حيث تتراجع مشاركة النساء في سوق العمل إلى ما دون الثلث وهذا يعني أن النصف الأكثر إبداعا وذكاء وتفوقا أكاديميا لا يتمكن من متابعة الطموحات العملية نتيجة المعتقدات الاجتماعية والاسرية التقليدية بشكل أساسي. أيضا تقوم بعض الأسر بإجبار الفتيات على اختيار تخصصات جامعية "مناسبة للإناث” ولكنها لا تحقق الطموح الأكاديمي والمهني المطلوب وبالتالي يتم تقليص فرص عدد كبير من الإناث من خلال تخصصات محدودة التأثير.

إلى حين إثبات نظرية معاليه يمكن أن نقدم توصية استراتيجية للعائلات التي يخوض شبابها امتحان التوجيهي في العام القادم بأن تطلب من الشباب القيام بالأعمال المنزلية بدلا من السهر مع الأصدقاء أو "التركيز على منتجات العولمة” مثل الهواتف النقالة والحواسيب وغيرها. ربما يؤدي هذا الضغط إلى أن يتجه الشباب نحو الكتب هروبا من أعمال المنزل وبالتالي يحققون النجاح المطلوب!