القانون الغائب

ما حدث في مصنع اسمنت المناصير في منطقة الدامخي مثال آخر على إنفلات يستفحل في غياب القانون .

لا يزال مسؤولون يتذرعون بالربيع العربي وبما يسمى بالأمن الناعم في تغييب المعالجة القانونية وتكريس هيبة القانون والدولة , إزاء ممارسات تضر بمصالح الناس والمؤسسات بالتخريب والإعتداء على الناس وتهديد أمنهم وسلامتهم مع أن الفرق كما الليل والنهار بين إعتصامات ومطالب ومسيرات يلتزم منظموها بالقانون ويتحرون فيها النظام الأمن وبين إنفلات أمني يمارس العدوان والترويع ضد منشآت ومصانع ومؤسسات ومواطنين أمنين .

لا علاقة لما حدث في مصنع الإسمنت ولا بالإعتداءات والتهديد المتكرر بحق مصانع ومشاريع أخرى بإستخدام السلاح وحرق الإطارات وإغلاق الطرق وترويع العمال بالحريات , وبدلا من أن يساق هؤلاء الى المحاكم بتهم جرمية , تتحول القضايا الى صكوك صلح عشائرية تسعى لإرضاء المعتد على حساب الضحية عندما يطلب المسؤولون المفترض أن يتدخلوا لفرض القانون والأمن والنظام من إدارات المصانع والمنشآت والمؤسسات مراضاة المعتدين من الأهالي و العمال لأن ربيعا عربيا يمنعهم من التصرف بحزم لتطبيق القانون «!!.

 بعيدا عن الخسائر الإقتصادية وقد وقعت وبعيدا عن خدش الصورة وقد خدشت , ماهي الفوائد التي سيجنيها أبناء تلك المناطق لو قررت إدارات تلك المصانع إغلاقها , سوى خسارة أبنائهم لفرص عمل قائمة وأخرى مستقبلية ولإسهامات متعددة لتلك الشركات والمصانع في تنمية مجتمعاتهم المحلية .

حدث ذلك في البوتاس وفي الفوسفات والإسمنت الأردنية و إسمنت القطرانة والشركة الوطنية للدواجن وحدث ذلك أيضا في مؤسسات رسمية سعى موظفوها لمنع مدرائهم من دخولها الى أن تدخلت الشرطة لضمان وصولهم الى مكاتبهم .

لا أحد يقف ضد المطالب إن كانت عادلة بما في ذلك إدارات الشركات , لكن من غير المقبول أن يرعى السكوت عن تطبيق القانون , التمادي في الإعتداءات الى أشكال مؤذية للإقتصاد وللناس وما لم تتوقف سيشمل هذا الضرر مصانع أخرى تنتشر في المملكة , فماذا يعني فرض توظيف المئات بقطع الطريق والماء والكهرباء في شركات تفيض بالاف العاملين ممن لا تطيق إستيعابهم قدرات الإنتاج.

ذات السلوك يتمدد على وقع شعار لي الذراع في ظل الإستقواء الذي تنامى في غفلة من الحسم الحكومي بحجة عدم الإشتباك مع المحتجين المحقين منهم وغير المحقين في نسخة سيئة لما يسمى بالأمن الناعم , ليترك الميدان لتغييب للقانون وإستبدال القنوات القانونية بسد الطرق وربط بوابات الشركات والدوائر بالجنازير , لتحل لغة الإبتزاز في محل التقاضي والمحاكم . 

القانون يجب أن يطال الجميع , عصبا وعصابات , لكنه يجب أن لا يترك المحرضين والمشجعين على الإثم والعدوان , فالمحرض هو من يتهاون في تطبيق القانون وهو أيضا كل صوت مؤثر شجع على الإعتداء وكل صاحب قلم ورأي منح شرعية لمثل هذا السلوك الجاهلي .