هل فقدت مدينة الزرقاء مقومات وجودها

يرجع نشوء المدن إلى جملة من الأسباب،يجعلها علماء التاريخ والمهتمون بنشوء الحضارات أساساً لنشوء المدن وازدهارها، مثل المُناخ المعتدل والمياه والمواصلات ووجود المناجم فالحضارات القديمة نشأت وترعرعت في المناطق التي يسودها المناخ المعتدل كحضارة الهند والصين ومصر وأرض الرافدين.
وقد ساعدت العوامل السابقة على جعل الزرقاء مأهولة بالسكان منذ أقدم العصور ، يجب أن تضع في الحسبان ، أن سكان الوطن العربي قديما لم يكونوا معزولين عن بعضهم البعض، فقد كانوا ينتقلون من مناطق البادية إلى المناطق الخصبة على شكل موجات بشرية متتابعة داخل المنطقة وبخاصة من الجزيرة العربية وأطرافها الشمالية ومن هذه الموجات – الشعوب التي أطلق عليها أسم الأكاديين والأموريين والكنعانيين والآراميين
وتشير البدايات الاولى لتسمية الزرقاء بهذا الاسم إلى ما ورد في رسائل تل العمارنة حيث جاء في السجلات الملكية التي كتبت في عهد أخناتون(1375- 1358) ق.م ذكر ثلاث مواقع هي : يابيش"جلعاد" ادمو "دامية" سارقي" الزرقاء" ويشير المؤرخ محمود العابدي إلى رسائل تل العمارنة حيث يقول : ( أن أول وثيقة تاريخية عن الزرقاء وجدت في رسائل تل العمارنة المصرية وذلك يعني أن " تطميس الثالث" فتح البلاد السورية سنة 1447 ق. م وبعد انتصاره في معركة " مجدو " فوق المضيق الذي يصل السهل الساحلي بمرج إبن عامر في فلسطين ، حيث يقول فردريك في كتابه تاريخ شرقي الاردن وقبائلها: جاء في السجلات الملكية التي كتبت في عهد اخناتون والتي اكتشفت في تل العمارنة ذكر ثلاث مواقع الأول " يابش جلعاد" المعروف حديثا بالدير في وادي اليابس في منطقة عجلون، وقد ظهر أن القائد المصري الذي عهد إليه في إدارة هذه الولاية قد طلب الامداد من سيدة في مصر للدفاع عن ولايته أبان الثورات التي انفجرت في ممتلكات الفراعنة في آسيا، لكن فرعون لم يلب هذا الطلب فقتل القائد المصري وحاميته، والثاني (ادمو) ولعله دامية الحديثة أو أنه يشير غلى الادومين ، والثالث (سارقي) وهو الزرقاء.
وجد الإنسان في منطقة الزرقاء منذ أقدم الأزمنة، كما تشير بعض الكتابات التاريخية التي تحدثت عن هذه المنطقة، ولا شك أن طبيعة التربة ووفرة المياه ووقوعها في منطقة غنية بالنباتات والأشجار ، وكل ذلك ساعد على تواجد تجمع سكان في هذه المدينة، والذين عملوا في البداية في الزراعة والتجارة ورعاية الماشية. وتذكر كتب التاريخ أن هناك عدة اقوام تعاقبوا على الموقع الذي يسمى الزرقاء الآن، ولكن أطولهم إقامة وأكثرهم استمرار كانت القبائل العربية التي اشغلت المنطقة من عهد ما قبل جيستيان وظلت مستمرة حتى هذا القرن
وفي عام 1343هـ الموافق 1924 م ، قام المؤرخ سعيد الصباغ بزيارة الزرقاء ومن مشاهداته عن الزرقاء حيث قال انها مبنية على هضبة ، ينبع بالقرب منها نهر الزرقاء في مكان تكثر حوله اشجار الحور والدفلة والتوت والمشمش والخوخ والدراق ، فيتألف منها رياض بهجة، تقصدها أهل القرية وبعض اهالي عمان في اوقات فراغهم للتنزه وللاستجمام بمياه نهر الزرقاء وهوائها جيد وعليل وبخاصة في الليل ، غير أنها مبنية من اللبن وسقوفها على الطريقة القديمة فيها جامع" مسجد" للصلاة فيه ، ومدرسة للمعارف ولا يوجد فيها آثار قديمة توجب الذكر باستثناء قصر قديم يدعىب "صر شبيب" وحول الزرقاء ونهارها ، تكثر مضارب عشائر ومنازل قبيلة بني حس وهي من العشائر الأردنية.
وفي كتاب السيدة (نجمية حكمت) 65 عاماً من حياة امرأه اردنية (رحلتي مع الزمن) ذكر لمدينة الزرقاء ، وذلك في الثلث الأول من هذا القرن حيث تقول " كانت مدينة الزرقاء التي شاء القدر أن اسكن فيها " بلدة أكثر أهلها من الشيشان والقليل من الشركس، وكانوا قد هاجروا إليها من قفقاسيا في روسيا ابان الحكم القيصري وأسكنتهم الدولة العثمانية فيها كما كان فيها عدد كبير من السوريين هاجروا إليها وامتهن معظمهم التجارة مع سكان المنطقة الاصليين من قبائل " بني حسن" الذسن كانوا يخيمون ويسكنون في القرى المجاورة والأراضي المحيطة بالزرقاء
واليوم الزرقاء تعاني معاناة كبيرة ، ما السبب في ذلك ، فالماء شحيح وأهالي الزراء يشترون الماء من خلال صهاريج المياه ،والبيئة غير نظيفة وتعاني من ازدحام خانق في وسط البلد، والمسؤولين في الزرقاء كانهم غير موجودين في الزرقاء فمن يلبي النداء ويرجع الزراء لسابق عهدها