من المسؤول عن عجز موازنة الحكومة ؟

اخبار البلد_ د. يوسف منصور _ لأن موازنة الحكومة مهمة، من المطلوب ولو في مقال قصير أن نراجع كيف تنامت هذه الموازنة على مر سنين غير بعيدة، ولأن للأرقام مدلولات، فما على المتابع لها أن يقرر بذاته أي الحكومات السابقة كان المسؤول الأكبر عن هذا الإنجاز الوطني الفظيع.
دعونا نختار كنقطة بداية عام 2006، زمن حكومة البخيت، حين بلغ العجز قبل المساعدات 748 مليون دينار (حجم المساعدات 304 ملايين دينار)، ثم تطورت الأمور مع حكومة الذهبي في 2007 ليصل العجز قبل المساعدات 958 مليون دينار، أي بارتفاع يقارب 28 بالمئة (حجم المساعدات 343 مليون دينار)؛ وفي عهد الحكومة ذاتها في 2008 ارتفع العجز إلى 1411 مليون دينار (حجم المساعدات 781 مليون دينار)، أي بارتفاع يقارب 47 بالمئة ، والغريب أن أحدا لم يثر أي لغط أو يتذمر آنذاك!.
ثم جاء عام 2009 وعهد حكومة الرفاعي، وارتفع العجز معها إلى 1783 مليون دينار (كان حجم المساعدات 333 مليون دينار)، أي بنسبة ارتفاع 26 بالمئة ، وهي أقل بكثير من نسبة ارتفاع العجز في الحكومة التي سبقتها، غير أن الدنيا قامت ولم تقعد على هذه الحكومة، ربما لمحاولتها ضبط النفقات أكثر من سابقتها.
وفي 2010 ومع الحكومة ذاتها انخفض العجز إلى 1447 مليون دينار، أي بنسبة انخفاض 19 بالمئة (بلغ حجم المساعدات 402 مليون دينار)؛ ثم جاءت الحكومات المتتالية (البخيت والخصاونة) في ربيع العرب ليصل العجز في 2011 إلى 2603 ملايين دينار بارتفاع 80 بالمئة وبحجم مساعدات فاق 1215 مليون دينار.
لاحظ أننا خلال 5 سنوات تلقينا ما يقارب 3 مليارات دينار من المساعدات، أي بمتوسط 600 مليون دينار سنويا، أو 600 دينار سنويا لكل أردني.
هنالك نظرية تسمى نظرية التكافؤ لريكاردو وبارو (Barro–Ricardo Equivalence Theorem)، التي تقول في أبسط صيغها، لا يهم إذا قامت الحكومة بتمويل عجزها من خلال الدين أو الضريبة فكلاهما سيؤدي إلى النتيجة ذاتها: ما تستدينه الحكومة الآن ستدفعه لاحقا مع الفوائد من خلال ضرائب مرتفعة على الأجيال القادمة، وها نحن الجيل ذاته ندفع هذه الديون من خلال ضرائب ورسوم أعلى من السابق.
لذا، وبما أن جميع هذه الحكومات كانت شريكة بنسب متفاوتة في عملية التنمية للعجز، ولأن العجز والذي يعني التوسع في الإنفاق لم يصاحبه نمو في الاقتصاد أو تنمية مستدامة بل تراجع وفقر متزايدين، ربما يحق لنا أن نتساءل عن كيفية استخدام الحكومة الحالية لقرض صندوق النقد الذي سيضيف 1400 مليون دينار لديننا العام، وأن نسأل هذا السؤال قبل أن ينفق المال.