حرامي زوووووء..

أول تصريح «طافي» من واحد «طافي» سمعته إذ كنت طفلا، فقد كنت يوما طفلا، وكان الأطفال يهربون من السكارى الذين يجوبون القرية ليلا، ونستدل على وجودهم من خلال أصواتهم التي تعلو بالغناء: «عزمتني ع العشا تاري العشا الخبيزة..وأنا مو قصدي العشا ..والله قصدي الخبيزه ..و ههههههههههههههه».. فقررت أن أحفظ الأغنية التي يغنيها الشاب الثمل، لكنه لم يغنها حين اقتربت منه بل توقف عن الغناء، وقال :أهلا بشيخ الشباب، تفضل، وقفت مع الشاب المبسوط ع الآخر، ولم تعجبني حالته فهذه المرة الأولى التي اقف فيها على هذه المسافة من «واحد سكران»، وقلت له : لويش بتسكر؟! أجابني إجابة فلسفية جدا، ثم فسّرها بمثال من أرض الواقع،قال: اللي بيسكر بيشوف البشعة وردة ! استغربت الاجابة الصادمه الغريبة، ولم استطع استيعاب الموضوع مطلقا، عموما؛ الإجابة متوافقة جدا مع حالة واحد «مو قصده العشا..قصده الخبيزة»!

أمس؛ بدأت يومي بضحكة غير متوقعة البتة، حين قرأت في «الدستور» خبرا عن حرامي، مدمن مخدرات ربما، حاول أن يجعل من البشاعة وردة فعلا، حيث يتحدث الخبر عن «حرامي» مدمن، سرق 6 آلاف دينار من صيدلية العيادات الخارجية في المستشفى الاسلامي، ويبدو أنه تذكر أنه في رحاب المستشفى الاسلامي، فأراد ان تكون فعلته متوافقة مع «رمزية» المكان، حيث يذكر الخبر أن «الحرامي المدمن» اختبأ منذ ساعات الليل الأولى في الصيدلية، وعندما انتهى الدوام وأغلقت الصيدلية ابوابها، خرج من مخبئه، وتناول العقاقير الطبية المخدرة التي تبيعها الصيدلية والمستخدمة فقط للأغراض الطبية، ثم دارت «الفلسفة» في رأسه، لكنها كما قلنا: جاءت متوافقة مع رمزية المكان. يقول الخبر ان الرجل فعل فعلته ثم قام «بتنبيش» صندوق «الكاش» فسرق 6 آلاف دينار، وذهب الى نافذة مطلة على الشارع وكان الوقت فجرا، والمصلون ذاهبون او عائدون من الصلاة، وبالطبع لا أحد منهم يعرف متى بالضبط هو موعد «ليلة القدر»، لا بد أن أحد المصلين كان صادقا في الدعاء، وطلب من ربه أن تمطر السماء نقودا، وهذا ما حصل فعلا، حيث قام «الحرامي الزووء» بنثر النقود من النافذة على رؤوس المارّة الطيبين، الذين بادروا بالطبع بلملمة النقود، كما يحدث في بعض الافلام «الخيالية»، الطريف في الموضوع أن الحرامي الثمل كان يخطب في الناس: خذوا مصاري واشتروا قطايف وقمر الدين وطعاما وملابس للعيد.

شكرا يا زوووء.. فعلا انت زوووووووء وأجزم أنك نبيلٌ ولم يكن قصدك العشاء بحد ذاته،من المؤكد أن قصدك «الخبيزة».

ايها اللصوص الثملون بدمائنا: افعلوا ما فعله الحرامي الظريف، وفعله طرفة ابن العبد أمير الصعاليك.

ماذا لو تمكن «الحرامي الزووووء» من الحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك وعدم محكومية وترشح للانتخابات القادمة، هل تراه سيحظى بأصوات الناخبين، خصوصا أولئك الذين ابتهلوا ذاك الصباح ان تمطر الدنيا «مصاري» على الأردن..!

سأمنحه صوتي بلا أدنى شك.. لأن نداءه على المارة يشبه الى حد بعيد غناء ذلك الشاب الذي كان قصده نبيلا أيضا يعني «الخبيزة» نفسها وليس العشا بحد ذاته.