صندوق المحافظات .. كل تأخيرة فيها خيرة !

رغم اعلان الحكومة على لسان وزير الصناعة ان صندوق تنمية المحافظات سيبدأ باستقبال الطلبات في بداية شهر تموز، الا انه لغاية الان لم تتم هذه العملية، وتأخرت الجهات الرسمية في البدء الفعلي للعمل، علما انه تم اقرار كافة الجوانب القانونية والتنظيمية والادارية للصندوق .


اذا كان لصندوق تنمية المحافظات أن ينجح فان على الحكومة أن تنسى تاريخها في هذا العمل، فخلال السنوات الماضية انفقت الحكومات المتعاقبة مئات الملايين من الدنانير على تنمية المحافظات باساليب غريبة عجيبة، كان الفشل نصيبها في إحداث التنمية الحقيقية المبنية على عدالة توزيع مكتسبات التنمية الشاملة.


من الاخفاقات السابقة لتنمية المحافظات أن البرامج التي كان معمول بها في السابق تجاهلت مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، ومأسست بشكل غير مباشر سياسة الاعطيات، فصرفت الاموال دون جدوى في محاربة الفقر والبطالة، بل كانت النتيجة تزايد جيوب الفقر من 20 جيبا الى 30 خلال السنوات التي خلت.
حتى برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي استخدم 356 مليون دينار من اموال المساعدات وعوائد التخاصية فشل هو الاخر في احداث التنمية، بل لحقته شبهات فساد تناولها الشارع العام اضافة الى تحقيقات رسمية في آليات صرف امواله، وتبقى القضية الرئيسية: لماذا فشلت برامج التنمية في المحافظات؟.


أغلب برامج التنمية التي نفذت في السابق كانت تديرها الحكومات بواسطة عطاءات لشركات مختلفة، تقوم الاخيرة بترجمة ادبيات التنمية الاجنبية ومن ثم تطبيقها على الاردن، دون الاخذ بخصوصية المجتمع الاردني وثقافته.


كما ان غياب عمليات الرقابة على الاموال الممنوحة للتنمية ساهم في زيادة حالات الانفلات وضعف التنفيذ من متلقي الاموال، كما ان الضغوطات النيابية ساهمت بمأسسة «الاعطيات « من صناديق التنمية المختلفة، والتي بدأ الرأي العام ينظر اليها على اعتبار انها رديفة لصندوق المعونة الوطنية.


حتى عمليات استقطاب القطاع الخاص فشلت هناك فشلا كبيرا، لان برامج التنمية افتقدت لروح القراءة الحقيقية لاحتياجات القطاع الخاص من العمالة المدربة والمؤهلة، فالرابط بين الاثنين كان مفقودا.


اليوم ورغم التأخير النسبي، يعتبر صندوق تنمية المحافظات بارقة أمل لشباب المحافظات الذين يرون ان السياسات الاقتصادية اكثر انحيازا للعاصمة على حساب باقي المحافظات خاصة البعيدة عن عمان. هناك آلاف المتعطلين عن العمل، يحملون شهادات جامعية عالية، وهم بحاجة الى اشراكهم في عملية التنمية لمحافظاتهم، من خلال دراسة الميزة التنافسية لأماكنهم ، ومن ثم تصميم المشروع ذي الجدوى الاقتصادية العالية، حينها سيبدأ الدورالحكومي في توفير شريك من القطاع الخاص بعد ان تكون ابدت استعدادها للمساهمة بجزء لا بأس به من رأس مال المشروع يقلل من المخاطرة ويرفع من جدواه وفق أسس اقتصادية علمية، فهل يتحقق هذا المشروع الذي بات حلما يراود الاردنيين؟.