وساطات الأماسي «القطائفية»

لكل سعاة الخير ،مَنْ منهم له مصلحة سياسية أوانتخابية خاصة ومن منهم لا يبتغي إلا رضوان الله ورحمته في هذا الشهر الفضيل، ألف شكر وألف تقدير لكـن ما يجب أن يعرفه هؤلاء أنَّ هكذا مسائل لا تحل لا بالمجاملات ولا بتبادل تبويس اللحى ولا بأماسي «القطائف» ولقاءات المناسف فالأمور أكثر تعقيداً من ان ينتدب أحدهم نفسه ليحل مشكلة سياسية أكبر من أن تحل بهذه الوسائل والطرق التبسيطية.


قد تغير مثل اللقاءات الرمضانية ومثل هذه الدعوات «القطائفية» موقف حزب لا يزال لوزارة الداخلية بذمته عدد من الأسماء لاستكمال النصاب القانوني ليصبح حزباً حقيقياً من الناحية القانونية وتجعله يقبل بكل ما يطرح عليه طالما :»أن العين بصيرة واليد قصيرة» أما بالنسبة لحزب كـ»جماعة الإخوان المسلمين» له ارتباطاته الدولية وتخضع قراراته بالنسبة لهذه الأمور المصيرية والمفصلية لحسابات كثيرة في ضوء النجاحات والإنجازات التي حققتها الحركة الإسلامية في المنطقة فإن مندوبيه الى أماسي الدعوات «القطائفية» هذه قد يبدون مرونة وقد يجاملون من اجل المزيد من التحشيد حولهم لكنهم إذا جدّ الجد وإذا كان لابد من موقف حاسم لا يمكن أن يقبلوا بكل هذه الصيغ التي يحاول وسطاء الخير التبشير بها كإنجازات لهم.


لقد قال الإخوان المسلمون الذين بيدهم القرار الفعلي والذين هم المرجعية الأولى والأخيرة بالنسبة لجماعتهم إن ما يريدونه هو التعديلات الدستورية المتعلقة ببعض صلاحيات الملك الأساسية وهو نسْفُ ما يعتبرونه قانون الصوت الواحد من أساسه وهذا يعني أن كل هذه الترقيعات وكل هذه «التزويقات» التي يطرحها وسطاء الخير غير مقبولة بالنسبةإليهم إذا جدَّ الجدُّ وإذا حانت لحظة الحقيقة وبات الحسم مطلوباً بصورة واضحة ونهائية.


إنه على الذين يبحثون عن أدوار وإن وهمية كي يطردوا عن أنفسهم شبح البطالة السياسية المُقعدة وكي يعلنوا عن وجودهم في غمرة كل هذه الأحداث المحلية والإقليمية المتلاحقة كأمواج المحيطات أن يدركوا أن الإخوان المسلمين ،الملتزمين بسياسات ثابتة لا تخضع للأمزجة الفردية الآنية وبـ»أجندات» ذات أبعاد دولية وعالمية، إن هم أرادوا فعلاً أن يقدموا ما يمكن اعتباره تنازلاً فإنهم بالتأكيد لا يمكن أن يقدموه لزملاء أمسية «قطائفية» ،وكل هذا مع أن المؤمنين حلويون، بل الى المرشد الأعلى في القاهرة والى التنظيم العالمي الذي يقال انه نصحهم بأن يشاركوا في الإنتخابات التشريعية «الأردنية» وعلى أساس أي قانونٍ انتخابي وسواء أكان قانون الصوت الواحد أو غيره وحيث ترك لهم ان يكون القرار النهائي قرارهم في ضوء معرفتهم بأوضاعهم وأوضاع بلدهم الداخلية.


ولهذا فإنه من الأفضل لـ»وسطاء الخير» هؤلاء أن يكفوا عن عمليات القفز فوق الحبال المشدودة وأن يدركوا أن «السمسرات» والأماسي «القطائفية» لا يمكن أن تصنع حياة سياسية ولا يمكن أن تؤثر على تنظيم مثل «جماعة الاخوان المسلمين» القرار فيه لأصحاب القرار واستراتيجيته موضوعة وفقاً لحسابات كثيرة بعضها تنظيمي وبعضها الآخر داخلي أردني في حين أن بعضها الآخر عالمي ومرتبط بما تريده «الجماعة» الأم وبما يريده مجلس الإرشاد الأعلى.


إنه على هؤلاء أن يدركوا أيضاً أنه إذا أراد الإخوان المسلمون أن يتنازلوا عن بعض مما يعتبرونه ثوابتهم بالنسبة لموضوع الإنتخابات النيابية وكل ما يتعلق بها من قوانين واجراءات إدارية فإنهم لن يتنازلوا لهم لا في أمسية «قطائفية» ولا في لقاء مجاملات وتشاطر بل الى الدولة من خلال مؤسساتها وعناوينها المعروفة ولعل ما يعرفه وسطاء الخير أن هذه الدولة الأردنية بكل عناوينها غير غريبة عن الحركة الإسلامية كما أن الحركة الإسلامية غير غريبة عنها فهناك تاريخ طويل من التحالف ومن التعاون المشترك وهذا يجعل بالنسبة لكل طرفٍ من هذين الطرفين أنه ليس بحاجة لا إلى الوساطات ولا إلى الوسطاء فالطرق معروفة وواضحة وهي كلها ورغم كل شيء لا تزال آمنة وسالكة.