المتقلقلون من أنباء “بترا”


للمرة الأولى تشكو مؤسسات رسمية، ومن بعدها مواقع الكترونية تحدثت باسم المهنية من أنباء بثتها وكالة الأنباء الاردنية؛ ما يشي بأن جزء من الإعلام الرسمي على الأقل بدأ يتلمس الطريق، ويحاول إصلاح ذاته، وتحديدا في هذه الوكالة الوطنية، بعيدا عن مقولة: "ملكيين أكثر من الملك”، أو "رجال دولة أكبر من الدولة”.

ولا يتسع المجال هنا للخوض في مهنية المدير العام للوكالة الزميل فيصل الشبول، وسابقه الأستاذ رمضان الرواشدة، فهما من الإعلاميين الذين تركوا بصمات واضحة في جو إعلامي مشوش، بقدر وجود ضرورة سؤال من يعترضون على الوكالة إن بثت خسائر لشركات حكومية، أو تابعت الحراكات الشعبية، وأعطت فرصاً لوجه العملة الآخر في البلاد الذي تم تغييبه لأكثر من قرن، وإن كان هؤلاء المتقلقلون يريدون دائما تغييب الحقيقة.

الوكالة بثت أرقاماً مستقاة من بيانات رسمية أرسلت إلى هيئة الاوراق المالية وبورصة عمان، تظهر الإبقاء على مخصصات بملايين الدنانير لمؤسسات حكومية؛ بسبب عدم تحصيل الإيرادات لتظهر الخسائر في نتائج الأعمال، وهو في العرف الاقتصادي صحيح، إذ لا يمكن التلاعب بالقول إن المؤسسة الفلانية قفزت بإيراداتها وهي خسرانة.

لطالما طرحنا موضوع الأخبار الجاهزة التي يجهد المستشارون الإعلاميون على إعدادها في كل جهة ومكان؛ استغفالاً لعقول القراء والبعد بشكل سافر عن المهنية، وهو الأمر الرئيس الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة، ونكتشف أن أكبر مؤسساتنا تخسر، ونفقد شركاتنا، ونبلغ مرحلة حرجة في مؤشرات الاقتصاد بشكل عام؛ مثل: معدلات النمو، والمديونية، وعجز الموازنة.

فلطالما كان يرغب هؤلاء المتقلقلون بإظهار صورة وردية لكل شيء، ويزاودون على الدولة ذاتها في ولائهم من خلال هذه الطريقة، يغفلون أنهم يأخذوننا للهاوية وتحديدا في الشق الاقتصادي.

التخصص في مجالات الإعلام يحمل أبعاداً متناقضة، منها إيجابي وآخر سلبي، فعلى سبيل المثال نفتقر في بلادنا إلى إعلاميين يخبرون الشأن الاقتصادي، فنجد عدداً منهم يكتمون الحقيقة، ولا يجهدون في تحليل الأرقام، وطرح مخرجات أبعادها المخفية؛ فتغيب الحقيقة، في المقابل يحاول من هم غير متخصصين طرح المواضيع الاقتصادية البحتة بأشكال مشوهة، وتغيب الحقيقة مجددا.

النهج الذي تتخذه "بترا” خلال السنوات القليلة الماضية أصبح ملفتا للانتباه، بدليل اعتراض المتقلقلين من جهة؛ وكونها كانت خلال السنوات التي سبقت بوقاً للحكومة، وأكثر منبر إعلامي يتعامل مع الأخبار الجاهزة من جهة أخرى، لكنها الآن تحاول أن تخرج من هذه القوقعة، ولا يسعنا إلا أن ندعو لها ولطاقمها بالنجاح، لا أن نشكك في مصداقيتها كونها تعارضت وبعض المصالح.

أخيراً، لم تعد المعلومات خافية في ظل هذا الجو الإلكتروني المهيب، فبعض القنوات الفضائية شقت الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي طريقها لبلوغ الحقيقة، ولم يعد للأخبار الجاهزة مكان في ساحة مكشوفة، ولا حتى للمتقلقلين.
Malawneh0793@yahoo.com